.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا الثانية فهي الأحكام المقرّرة للجاهل بالأحكام الواقعيّة ، كمؤديات الاصول العمليّة. وهي مستلزمة لأحكام أخر مقرّرة في نفس الأمر لينسب الجهل إليها ، وتكون هذه ظاهريّة بالنسبة إليها ، كما قرّره المصنّف رحمهالله. وتسمّى أحكاما واقعية ثانويّة في لسان بعضهم ، وظاهريّة في لسان آخرين. ووجه التسمية واضح ممّا قرّره المصنّف رحمهالله.
قيل : ومن لوازمها عدم تحقّقها إلّا مع العلم بها ، لأنّ مؤدّى البراءة والاستصحاب مثلا لا يتحقّق ولا يصير حكما في حقّ المكلّف إلّا بعد العلم بكونه حكم الله في حقّه ، فبمجرّد علمه به يجعل هذا الحكم في حقّه ويتنجّز التكليف به ، بخلاف الأحكام الواقعيّة ، لتحقّقها في الواقع مع علم المكلّف بها وجهله. نعم ، تنجّزها يتوقّف على العلم بها على ما أسلفناه ، فتأمّل.
ومن جملة لوازمها أيضا انتفائها حقيقة أو حكما مع العلم أو الظنّ المعتبر بالحكم الواقعي ، على ما قرّره المصنّف رحمهالله. وتوضيحه : أنّ الواقع قد يفرض بالنسبة إلى نفس الأمر ، وقد يفرض بالنسبة إلى ما جعله الشارع في عرض الواقع بل عيّنه بالتنزيل ، كمؤديات الكتاب والسنّة على القول باعتبارها بالخصوص ، وبكونها منزّلة بمنزلة الواقع وإن لم تكن هي هو. وقد عرفت كون الأحكام الظاهريّة مجعولة في حقّ الجاهل بالحكم الواقعي لا العالم به.
وحينئذ إن كان المأخوذ في موضوع الحكم الظاهري أعمّ من الجهل بالحكم الواقعي وما هو بمنزلته ، فمع العلم بأحدهما ينتفي موضوعه ، لفرض انتفاء الوصف المأخوذ في موضوعه ، فيتبعه انتفاء الحكم الظاهري حقيقة. وحينئذ تكون الأدلّة الاجتهاديّة ـ سواء أفادت العلم أو الظنّ بالواقع ـ واردة على الاصول.
وإن كان المأخوذ فيه هو الجهل بالحكم الواقعي خاصّة دون ما هو بمنزلته ، فبالعلم به ينتفي الحكم الظاهري حقيقة على ما عرفت. وأمّا مع العلم بما هو بمنزلته ، فيكون انتفاء الحكم الظاهري حينئذ بحسب حكم الشارع لا بحسب