استدلّ به الصدوق على جواز القنوت بالفارسية ، واستند إليه في أماليه حيث جعل إباحة الأشياء حتّى يثبت الحظر من دين الامامية. ودلالته على المطلب أوضح من الكلّ ، وظاهره عدم وجوب الاحتياط ؛ لأنّ الظاهر إرادة ورود النهي في الشيء من حيث هو ، لا من حيث كونه مجهول الحكم ، فإن تمّ ما سيأتي من أدلّة الاحتياط دلالة وسندا وجب ملاحظة التعارض بينها وبين هذه الرواية وأمثالها ممّا يدلّ على عدم وجوب الاحتياط ، ثمّ الرجوع إلى ما تقتضيه قاعدة التعارض.
وقد يحتجّ بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج (١١٥٤) ،
______________________________________________________
خلاف ظاهر الرواية.
وثامنها : الحمل على بيان حكم الأشياء المهمّة التي تعمّ بها البلوى ، ويعلم أنّه لو كان فيها حكم مخالف للأصل لنقل. وفيه : أيضا أنّه تقييد بلا دليل.
وبالجملة ، إنّ بعد هذه التوجيهات غير خفيّ على أحد ، إلّا أنّ الشيخ الحرّ العاملي قدسسره قد التجأ إليها بزعم تواتر أخبار الاحتياط وتماميّة دلالتها.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ ظاهر الرواية هو ورود النهي عن الشارع وصدوره عنه لا وصوله إلينا حتّى تجدي في المقام ، لأنّ المقصود في المقام إثبات البراءة في كلّ ما لم يصل فيه إلينا نهي من الشارع ، لا فيما لم يصدر فيه عنه نهي في الواقع. اللهمّ إلّا أن يمنع هذا الظهور ، ويدّعى كون ظاهرها بيان لزوم تماميّة الحجّة في وجوب الاجتناب ، ولا ريب أنّ مجرّد صدور الخطاب عن الشارع في الواقع من دون علم المكلّف به غير مجد في ذلك. ولعلّ هذا أظهر.
١١٥٤. لا يذهب عليك أنّ موضع الدلالة من الصحيحة فقرتان ، إحداهما : ما دلّ منها على معذوريّة الجاهل بالتحريم. والاخرى : ما دلّ على معذوريّة الجاهل بالعدّة. ولكنّ الاستدلال بهما يتوقّف على إثبات مقدّمات الاولى : كون المراد بالجهالة في الموضعين هي الجهالة بالحكم دون الموضوع. والاخرى : كون المراد بها الجهالة البسيطة دون المركّبة. والثالثة : كون معذوريّة الجاهل فيما ترتّب