ومنه يظهر فساد ما انتصر بعض المعاصرين (١١٧٠) للمستدلّ ـ بعد الاعتراف بما ذكرنا من ظهور القضيّة في الانقسام الفعلي ؛ فلا يشمل مثل شرب التتن من ـ : أنّا نفرض شيئا له قسمان حلال وحرام ، واشتبه قسم ثالث منه كاللحم ، فإنّه شيء فيه حلال وهو لحم الغنم وحرام وهو لحم الخنزير ، فهذا الكلّي المنقسم حلال ، فيكون لحم الحمار حلالا حتّى تعرف حرمته (٣٩). ووجه الفساد : أنّ وجود القسمين في اللحم ليس منشأ لاشتباه لحم الحمار ، ولا دخل له في هذا الحكم (١١٧١) أصلا ، ولا في تحقّق الموضوع ، وتقييد (١١٧٢) الموضوع بقيد أجنبيّ لا دخل له في الحكم ولا في تحقّق الموضوع مع خروج بعض الأفراد (١١٧٣) منه مثل شرب التتن ـ حتّى احتاج هذا المنتصر إلى إلحاق مثله بلحم الحمار وشبهه ممّا يوجد في نوعه قسمان معلومان بالإجماع المركّب ـ ، مستهجن جدّا لا ينبغي صدوره من متكلّم فضلا عن الإمام عليهالسلام.
هذا ، مع أنّ اللازم ممّا ذكر عدم الحاجة إلى الإجماع المركّب ، فإنّ الشرب فيه قسمان : شرب الماء وشرب البنج ، فشرب التتن كلحم الحمار بعينه ، وهكذا جميع الافعال المجهولة الحكم. وأمّا الفرق بين الشرب واللحم بأنّ الشرب (١١٧٤)
______________________________________________________
الشبهة فيه ناشئة إمّا من عدم الدليل أو إجماله أو تعارضه ، لا من وجود لحم الخنزير والغنم في مطلق اللحم ، وعدم العلم بكون المشتبه من أيّهما.
١١٧٠. هو الفاضل النراقي. وقد ذكر للرواية معاني ستّة ثالثها ما اختاره المصنّف رحمهالله هنا. ويظهر ضعف ما سواه من التأمّل فيما ذكره المصنّف رحمهالله هنا وما علّقناه على كلامه ، فتدبّر.
١١٧١. يعني : حكم لحم الحمار الذي فرض الاشتباه فيه.
١١٧٢. مبتدأ ، وخبره قوله : «مستهجن».
١١٧٣. ممّا لا يوجد في نوعه حلال وحرام من الشبهات الحكميّة.
١١٧٤. يعني : بالمعنى الأعمّ من إدخال الدخان والماء الجوف من الفم.