قوله عليهالسلام : «فيه حلال وحرام» في معنيين : أحدهما : أنّه قابل للاتصاف بهما ، وبعبارة اخرى : يمكن تعلّق الحكم الشرعيّ به ليخرج ما لا يقبل الاتصاف بشيء منهما. والثاني : أنّه ينقسم إليهما ويوجد النوعان فيه إمّا في نفس الأمر أو عندنا ، وهو غير جائز.
______________________________________________________
عليه فهو حلال. ويؤيّده ما تضمّنته من الأمثلة ، فهي واردة لبيان قاعدة اليد ، وأنّه حجّة ما لم يعلم خلافه أو تقوم به بيّنة. فلا دلالة فيها على بيان اعتبار أصالة البراءة في الشبهات الحكميّة والموضوعيّة أصلا ، كيف والأصل في الفروج هو الاحتياط والحرمة ، مع أنّ الإمام عليهالسلام حكم بحليّتها. فالظاهر أنّ المراد بيان أنّه إذا كان تحت يدك شيء واستوليت عليه كالثوب والعبد عندك والمرأة تحتك ، ويحتمل أن يكون استيلاؤك عليه على خلاف المشروع ، فيدك عليه ثابتة ، وهو لك حلال ما لم يستبن لك خلافه ، أو لم تقم به البيّنة ، والأشياء كلّها على هذا.
فإن قلت : لا مانع من حمل الرواية على بيان القاعدتين ، وإن كانت الأمثلة المذكورة فيها من موارد قاعدة اليد.
قلت : ذلك مستلزم لاستعمال اللفظ في معنيين ، وهو غير جائز ، لاختلاف المعنى بالنسبة إلى كلّ من القاعدتين ، لأنّها إن كانت واردة لبيان قاعدة اليد ، فلا بدّ أن يكون المعنى على نحو ما ذكرناه من كون قوله عليهالسلام : «هو لك» مبتدأ وخبرا ، وإن كانت واردة لبيان قاعدة البراءة فلا بدّ أن يكون ضمير «هو» للفصل ، وقوله «لك» متعلّقا ب «حلال» مقدّما عليه ، وهو خبرا عن «كلّ شيء». مع أنّ الحكم على الإباحة على هذا التقدير لا بدّ أن يكون من حيث كون الواقعة مجهولة الحكم. وعلى تقدير ورودها لبيان قاعدة اليد لا بدّ أن يكون من حيث استيلاء يد المستولي ، لا من حيث وصف الجهالة بالواقع. ولا ريب في تغاير المعنيين. والله أعلم بالحقائق.