أنّ أصالة الصحّة إنّما تجري في العقود بعد استكمال العقد للأركان. قال في جامع المقاصد ، فيما لو اختلف الضامن والمضمون له ، فقال الضامن : ضمنت وأنا صبيّ ـ بعد ما رجّح تقديم قول الضامن ـ ما هذا لفظه :
فإن قلت : للمضمون له أصالة الصحّة في العقود ، وظاهر حال العاقد الآخر أنّه لا يتصرّف باطلا. قلنا : إنّ الأصل في العقود الصحّة بعد استكمال أركانها ليتحقّق وجود العقد ، أمّا قبله فلا وجود له ، فلو اختلفا في كون المعقود عليه هو الحرّ أو العبد ، حلف منكر وقوع العقد على العبد ، وكذا الظاهر إنّما يتمّ مع الاستكمال المذكور ، لا مطلقا ، انتهى.
وقال في باب الإجارة ما هذا لفظه : لا شكّ في أنّه إذا حصل الاتفاق على حصول جميع الامور المعتبرة في العقد ـ من حصول الإيجاب والقبول من الكاملين ، وجريانهما على العوضين المعتبرين ـ ووقع الاختلاف في شرط مفسد ، فالقول قول مدّعي الصحّة بيمينه ؛ لأنّه الموافق للأصل ، لأنّ الأصل عدم ذلك المفسد ، والأصل في فعل المسلم الصحّة. أمّا إذا حصل الشك في الصحّة والفساد في بعض الامور المعتبرة وعدمه ، فإنّ الأصل لا يثمر هنا ؛ فإنّ الأصل عدم السبب الناقل. ومن ذلك ما لو ادّعى أنّي اشتريت العبد فقال بعتك الحرّ ، انتهى. (١٣)
ويظهر هذا من بعض كلمات العلّامة رحمهالله ، قال في القواعد : لا يصحّ ضمان الصبيّ ولو أذن له الوليّ ، فإن اختلفا قدّم قول الضامن ؛ لأصالة براءة الذمّة وعدم البلوغ ، وليس لمدّعي الصحّة أصل يستند إليه ، ولا ظاهر يرجع إليه. بخلاف ما لو ادّعى شرطا فاسدا ؛ لأنّ الظاهر أنّهما لا يتصرّفان باطلا ، وكذا البحث فيمن عرف له حالة جنون ، انتهى. (١٤)
______________________________________________________
منه كونه مانعا. وربّما يظهر من بعضهم في الفقه اطّراد ذلك. ولكنّ الظاهر كونه علّامة غالبة ، إذ قد يرد بيان الشرطيّة على طريق النهي ، كما تقول : لا تبع ما ليس لك بملك ، مع أنّ الملك شرط في صحّة البيع ، وكذا قد يرد بيان المانعيّة على طريق الأمر ، كما تقول : صلّ بغير رياء ، مع كون الرياء مانعا من صحّة الصلاة. ولعلّ المتتبّع في الأخبار يجد شاهدا على صدق ما ادّعيناه ، وإن لم يحضرني الآن منها ما يناسبه.