وممّا يتفرّع على ذلك أيضا أنّه لو اختلف المرتهن الآذن في بيع الرهن والراهن البائع له ـ بعد اتّفاقهما على رجوع المرتهن عن إذنه ـ في تقدّم الرجوع على البيع فيفسد ، أو تأخّره فيصح ، فلا يمكن أن يقال ـ كما قيل ـ : من أنّ أصالة صحة الإذن تقضي بوقوع البيع صحيحا ، ولا أنّ أصالة صحّة الرجوع تقضي بكون البيع فاسدا ، لأنّ الإذن والرجوع كليهما قد فرض وقوعهما على الوجه الصحيح ، وهو صدوره عمّن له أهليّة ذلك والتسلّط عليه. فمعنى ترتّب الأثر عليهما أنّه لو وقع فعل المأذون عقيب الإذن وقبل الرجوع ترتّب عليه الأثر ، ولو وقع فعله بعد الرجوع كان فاسدا ، أمّا لو لم يقع عقيب الإذن فعل بل وقع في زمان ارتفاعه ، ففساد هذا الواقع لا يخلّ بصحّة الإذن. وكذا لو فرض عدم وقوع الفعل عقيب الرجوع فانعقد صحيحا ، فليس هذا من جهة فساد الرجوع ، كما لا يخفى.
نعم ، أصالة بقاء الإذن إلى أن يقع البيع قد يقضي بصحّته ، وكذا أصالة عدم البيع قبل الرجوع ربّما يقال : إنّها تقضي بفساده ، لكنّهما لو تمّا (٢٦٩٧) لم يكونا من أصالة صحّة الإذن ـ بناء على أنّ عدم وقوع البيع بعده يوجب لغويّته ـ ولا من أصالة صحّة الرجوع التي تمسّك بها بعض المعاصرين تبعا لبعض.
والحقّ في المسألة ما هو المشهور : من الحكم بفساد البيع وعدم جريان أصالة الصحّة في المقام ، لا في البيع ـ كما استظهره الكركي ـ ولا في الإذن ، ولا في
______________________________________________________
٢٦٩٧. فيه إشارة إلى كون الأصلين مثبتين فلا يعتدّ بهما. فإن قلت : لا إشكال في أنّه إن أذن المرتهن في البيع ، وشكّ الراهن قبل إيقاع البيع في رجوعه عن إذنه ، يجوز له استصحاب الإذن وإيقاع البيع بعده وترتيب الآثار عليه ، فما وجه الفرق بينه وبين ما لو شكّ في الرجوع بعد إيقاع البيع ، حيث حكم بكون الأصل في الثاني مثبتا؟ قلت : إنّ معنى استصحاب الإذن قبل إيقاع البيع هو جواز إيقاع البيع في هذه الحالة ، وهذا أثر شرعيّ مرتّب على المستصحب من دون واسطة. والمقصود منه في الثاني ترتيب الآثار على البيع الواقع بواسطة إثبات كونه واقعا في حال بقاء الإذن ، فيكون الأصل حينئذ مثبتا لا محالة.