الحكم بوقوع الفعل بحيث يترتّب عليه الآثار الشرعيّة المترتّبة على العمل الصحيح ، أمّا ما يلازم الصحّة من الامور الخارجة عن حقيقة الصحيح فلا دليل على ترتّبها عليه. فلو شكّ في أنّ الشراء الصادر من الغير كان بما لا يملك ـ كالخمر والخنزير ـ أو بعين من أعيان ما له ، فلا يحكم بخروج تلك العين من تركته ، بل يحكم بصحّة الشراء وعدم انتقال شيء من تركته إلى البائع لأصالة عدمه. وهذا نظير ما ذكرنا سابقا من أنّه لو شكّ في صلاة العصر أنّه صلّى الظهر أم لا ، يحكم بفعل الظهر من حيث كونه شرطا لصلاة العصر ، لا فعل الظهر من حيث هو حتّى لا يجب إتيانه ثانيا ، إلّا أن يجري قاعدة الشكّ في الشيء بعد التجاوز عنه.
______________________________________________________
الصحّة على ما استظهرناه من كلماتهم ، وهو واضح عند المتأمّل.
فإن قلت : إنّ الوجه في الحكم بكون المبيع هو العبد أو الخلّ بمجرّد الحمل على الصحّة ، إنّما هو اتّفاق المتعاقدين على وقوع العقد على أحد الأمرين ، فإذا انتفى احتمال أحدهما بالقاعدة ثبت الآخر لا محالة. قلت : إنّ الأمر في عقد الإجارة ـ الذي أشار إليه العلّامة أيضا ـ كذلك ، فلا يصلح ذلك توفيقا بين كلماتهم. ثمّ إنّه يمكن أن يفصّل في المقام بوجه آخر تمكن دعوى استمرار السيرة على طبقه ، بأن يقال : إنّ ما يقع من جهته التنازع بين المتنازعين إن كان ممّا تنوط به صحّة العقد وفساده ، كفقد الشرط المعتبر أو وجود الشرط المفسد ، يحمل على الصحّة ، بمعنى ترتيب آثار الجامع ، لوجود الشرط المتنازع فيه أو فقد المانع كذلك. وإن كان ممّا لا يكون له مدخل في الصحّة والفساد ، كما إذا اختلفا في كون المبيع حرّا أو عبدا عالما بالقرآن مثلا ، فإن المدّعي قد أخذ في دعواه قيدين : أحدهما : كونه عبدا ، والآخر : كونه عالما ، فيحمل العقد على الصحّة من جهة الأوّل دون الثاني ، لعدم مدخليّته في الصحّة والفساد ، فيلزم المشتري على إقامة البيّنة عليه.
ومن هنا يظهر الوجه في حكم المشهور فيما اختلفا في كونه عبدا أو حرّا أو في كونه خمرا أو خلّا ، بكون المبيع عبدا أو خلّا بالحمل على الصحّة. وكذا يظهر أنّ الوجه فيما نقله المصنّف رحمهالله عن قواعد العلّامة هو الحكم بكون مدّة الإجارة سنة من دون حكم بكون الاجرة دينارا ، لاختلاف صحّة الإجارة و