.................................................................................................
______________________________________________________
الغير ، فلا بدّ أن يكون هذا الغير مترتّبا على المشكوك فيه ، بأن كانت مرتبته بعد مرتبته ، لأنّه مقتضى اعتبار التجاوز عنه والدخول في غيره. والترتّب بالمعنى المذكور إمّا أن يكون شرعيّا ، كأفعال الصلاة والطهارات والحجّ ونحوها. وإمّا أن يكون عاديّا ، كاعتياد الاستبراء قبل الاستنجاء. وإمّا أن يكون عقليّا ، كترتّب الحرف الساكن على المتحرّك ، بأن شكّ حين التكلّم بالساكن في أنّه انتقل إليه من الحرف المتحرّك قبله أو من متحرّك آخر بدله ، فإذا شكّ في حال التكلّم بكاف كلمة «أكبر» في أنّه انتقل إليه من الهمزة المتحرّكة أو من متحرّك آخر ، بنى على الأوّل هذا والمتيقّن من كلمات الأصحاب في جريان القاعدة هو ما كان الترتّب فيه شرعيّا أو عقليّا ، ولكن إطلاق الأخبار يشمل الجميع.
ثمّ إنّ الترتّب إمّا أن يكون وضعيّا ، بمعنى توقّف صحّة الفعل الثاني على الإتيان بالأوّل كما في أفعال الطهارات والصلاة. وإمّا أن يكون تكليفيّا ، بأن يجب الإتيان بأحدهما قبل الآخر ، وإن صحّ مع التأخّر أيضا. فثمرة التأخير مجرّد حصول العصيان به في الإلزاميّات ، كأفعال منى في الحجّ ، لأنّ رمي الجمرة مثلا واجب قبل الحلق ، إلّا أنّ العمل مع التأخير يقع صحيحا أيضا. وكذا سجدتا السهو بالنسبة إلى الفراغ من الصلاة إذا وقع فيها ما يوجبهما ، ومثلهما الأذان والإقامة من المندوبات ، فإنّ مرتبتها متأخّرة عن مرتبته في التكليف الندبي. وقد تضمّن حكم الشكّ في الأذان بعد الدخول في الإقامة صحيحتا زرارة والحلبي المتقدّمتان سابقا. وإمّا أن يكون في الكمال ، بأن يتوقّف كمال أحدهما على تقدّم الآخر عليه ، كتوقّف كمال قراءة القرآن على تقدّم الطهارة والاستقبال ، وتوقّف كمال الصلاة على تقدّم الإقامة عليها. وقد تضمّنت الصحيحتان حكم الشكّ في الإقامة ، فمع الشكّ في وقوع ما ينبغي تقدّمه يبنى على وقوعه. والمتيقّن من كلمات الأصحاب في جريان القاعدة هو الأوّل ، وإن كانت الأخبار تعمّ الجميع ، وهو أيضا ظاهر جماعة من المتأخّرين ممّن التزم بعموم الأخبار.