الذي لو اتي به فيه لم يلزم منه اختلال في الترتيب المقرّر. وبعبارة اخرى : محلّ الشيء هي المرتبة المقرّرة له بحكم العقل (٢٦٢٣) أو بوضع الشارع أو غيره ولو كان نفس المكلّف من جهة اعتياده بإتيان ذلك المشكوك في ذلك المحلّ. فمحلّ تكبيرة الإحرام قبل الشروع في الاستعاذة لأجل القراءة بحكم الشارع ، ومحلّ كلمة" أكبر" قبل تخلّل الفصل الطويل بينه وبين لفظ الجلالة بحكم الطريقة المألوفة في نظم الكلام ، ومحلّ الراء من" أكبر" قبل أدنى فصل يوجب الابتداء بالساكن بحكم العقل ، ومحلّ غسل الجانب الأيسر أو بعضه في غسل الجنابة لمن اعتاد الموالاة فيه قبل تخلّل فصل يخلّ بما اعتاده من الموالاة.
______________________________________________________
ثمّ إنّ اعتبار الترتّب فيما حصل الترتّب فيه بين الفعلين بحسب الوضع أو العادة أو الكمال واضح. وأمّا في غيره ، مثل ما لو شكّ في بعض حالاته في الإتيان بالصلاة أو إحدى الطهارات أو غيرهما ، أو في إيقاعها على الوجه المأمور به ، فلا بدّ حينئذ من اعتبار الدخول في الفعل الذي اعتبر الشارع عدمه في المشكوك فيه ، كالأكل والشرب والمشي والنوم ونحوها بالنسبة إلى الصلاة ، فإنّ مرتبة هذه الامور متأخّرة عنها ، لأنّ المراد بالترتّب ـ كما عرفت ـ مجرّد كون الفعل الذي حصل الشكّ بعد الدخول فيه ممّا من شأنه أن يوقع بعد المشكوك فيه على بعض الوجوه ، فإذا اعتاد الإتيان بالصلاة في أوّل وقتها ، فإذا شكّ في الإتيان بها بعد مضيّ الوقت المعتاد مع الاشتغال بما ينافيها ، لا يعتدّ بهذا الشكّ ويحكم بوقوعها.
٢٦٢٣. يعني : أنّ الابتداء بالساكن لمّا كان محالا عقلا (*) ، فلازم هذا الحكم العقلي أن يكون محلّ الراء من كلمة «أكبر» قبل الفصل اليسير. وأنت خبير بأنّ
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «قوله : محالا عقلا ... ، عند الجمهور ، خلافا لبعضهم حيث جعل الابتداء بالساكن في غير الألف متعسّرا لا متعذّرا. قيل : الظاهر أنّ مناط هذا الخلاف على أنّ الحركة هل هي انفصال ما للحرف عن المخرج بعد اتّصاله به ، والسكون اتّصاله به من غير انفصال مطلقا ، أو هي انفصال تامّ ، وهو اتّصال بلا انفصال تامّ؟ فعلى الأوّل الابتداء بالساكن متعذّر مطلقا. وعلى الثاني متعسّر ، كما في صورة ألزمه والاختلال ، ولكن في غير الألف ، لتعذّره فيه مطلقا. وهو ظاهر. وأمّا ـ كون الحركة بالمعنى الثاني ، والسكون بالمعنى الأوّل ، فمستلزم لوجود الواسطة بينهما ، كما أنّ كونهما بعكس هذا مستلزم لردّ التقابل بينهما ، فافهم. ثمّ الحقّ منهما هو المعنى الأوّل والحكم بالتعذّر ، كما هو المشهور ، انتهى. منه دام ظلّه».