.................................................................................................
______________________________________________________
الواقع .... ثمّ إنّ حاصل ما ذكره : أنّ قاعدة الحمل ـ على ما هو التحقيق وفاقا لظاهر الأكثر من كون اعتبارها من باب الظهور النوعي ـ يقتضي كون الواقع بيعا صادرا عن بالغ ، وهو سبب شرعيّ لارتفاع الحالة السابقة على العقد المشكوك الصحّة والفساد ، من كون المبيع ملكا للبائع والثمن للمشتري. وأمّا استصحاب عدم البلوغ فهو يوجب بقاء الحالة السابقة على العقد ، من بقاء المبيع في ملك البائع والثمن في ملك المشتري ، لكن لا من حيث إثبات تحقّق ذلك في ضمن كون الواقع بيعا صادرا عن غير بالغ بحكم استصحاب الحالة السابقة ، لأنّ عدم الانتقال المرتّب في السابق على عدم البلوغ مرتّب عليه من حيث عدم صدور البيع عن البالغ لا من حيث صدوره عن غير بالغ ، لأنّ عدم المسبّب يستند إلى نقيض السبب وهو عدم صدور البيع عن بالغ ، لا إلى ضدّه وهو صدوره عن غير بالغ ، فالرجوع إلى الحالة السابقة والحكم ببقائها في ضمن السبب الفاسد لا يوجب بقاء الحالة السابقة ، لأنّ عدم الانتقال في ضمن تحقّق السبب الفاسد ليس من آثار عدم البلوغ في السابق كما عرفت حتّى يثبت باستصحابه ، وإن ترتّب على استصحابه آثار أخر. فالمتيقّن حينئذ استصحاب عدم السبب الشرعيّ ، بمعنى أن يكون المراد باستصحاب عدم البلوغ استصحاب عدم تحقّق السبب الشرعيّ ، وهو لا ينافي كون الواقع سببا شرعيّا بحكم القاعدة حتّى يحكم بالتعارض بينهما ، لأنّ الأوّل يقتضي عدم ترتّب الأثر ، لعدم العلم بتحقّق السبب الشرعيّ ، والثاني يقتضي ترتّبه عليه ، لدلالته على كون الواقع سببا شرعيّا. هذا غاية توضيح ما ذكره المصنّف رحمهالله.
ولكنّك خبير بأنّا إن سلّمنا كون مقتضى الاستصحاب إثبات كون الواقع بيعا صادرا عن غير بالغ ، أمكن دعوى حكومة القاعدة عليه أيضا ، نظير حكومة البيّنة عليه ، لأنّ المأخوذ في موضع الاستصحاب هو الشكّ ، وإن آل إلى الظنّ بالبقاء بعد ملاحظة الحالة السابقة على القول باعتباره من باب الظنّ ، والقاعدة كالبيّنة رافعة لهذا الشكّ ، ومبيّنة لكون الواقع بيعا صادرا عن بالغ.