بقي الكلام في أصالة الصحّة في الأقوال والاعتقادات ، أمّا الأقوال (٢٧١٦) ،
______________________________________________________
نعم ، لو كان الشكّ مأخوذا في موضوعها أيضا لتمّ الحكم بالمعارضة بينهما ، وليس كذلك ، وإن كانت مجعولة ـ كالبيّنة وغيرها من الأمارات ـ في مقام الجهل بالواقع ، فتدبّر فإنّه لا يخلو من دقّة.
٢٧١٦. توضيحه يتوقّف على إيراد ما يمكن أن يستند إليه في المقام ، ثمّ الإشارة إلى مؤدّاه ومقدار دلالته ، فنقول : إنّه يدلّ على أصالة الصحّة في الأقوال ـ مضافا إلى عموم ما عدا الإجماع والسيرة من الأدلّة المستدلّ بها على أصل القاعدة ـ خصوص الكتاب والسنّة.
فمن الأوّل قوله تعالى في سورة البراءة : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) بتقريب أنّ الأذن مجاز عن كونه سريع التصديق لكلّ ما يسمع ، من باب إطلاق العين على الربيئة. وأمر الله تعالى النبيّ صلىاللهعليهوآله بأن يقول للمنافقين : يكون ذلك خيرا لهم ، ثمّ قارنه بتصديقه تعالى وتصديق المؤمنين. وغاير بين التصديقين بالباء واللام لنكتة ، وهي كون تصديقه للمؤمنين لانتفاعهم به ولأجل الرحمة منه عليهالسلام عليهم ، كما عن تفسير
__________________
لا يترتب عليه عدم الأثر ، وإنّما يترتّب على عدم وقوع السبب المقارن لهذا العقد ، فلا أثر لأصالة عدم البلوغ المقتضية لعدم سببية العقد المذكور حتّى يعارض أصالة الصحّة المقتضية لسببيته ، وأصالة الصحّة تثبت تحقّق العقد الصادر من بالغ ، ولا معارضة في الظاهر بين عدم سببية هذا العقد الذي هو مقتضى الاستصحاب ، وبين وقوع العقد الصادر عن بالغ الذي يقتضيه أصالة الصحّة ، لأنّ وجود السبب ظاهرا لا يعارضه عدم سببية شيء وإنّ امتنع اجتماعهما في الواقع من حيث إنّ الصادر شيء واحد.
لكن يدفع هذا : أنّ مقتضى أصالة الصحّة ليس وقوع فعل صحيح في الواقع ، بل يقتضي كون الواقع هو الفرد الصحيح. فإذا فرض نفي السببية عن هذا الواقع بحكم الاستصحاب حصل التنافي.
وإن قيل : إنّ الاستصحاب لا يقتضي نفي السببية ، لأنّ السببية ليست من المجعولات بل يثبت بقاء الآثار السابقة. قلنا : كذلك أصالة الصحّة لا تثبت وقوع السبب وإنّما تثبت حدوث آثار السبب. وكيف كان ، فدفع التنافي بين الأصلين وإثبات حكومة أحدهما على الآخر في غاية الإشكال". (فرائد الاصول ، مجمع الفكر الاسلامى ، ج ٣ ، ص ٣٧٦ ـ ٣٨٠)