.................................................................................................
______________________________________________________
المؤمنين فيها مجرّد التصديق الصوري لا التصديق الخبري ، أعني : ترتيب آثار الواقع على خبره ، وقد أوضح المصنّف رحمهالله ذلك عند الاستدلال على حجّية أخبار الآحاد.
فإن قلت : إنّ هذا إنّما يتمّ في الآية والرواية الاولى ، وأمّا الروايتين الأخيرتين فلا ، لأنّ إسناد التقصير فيهما في دفع البضاعة إلى الرجل القرشي مطلقا على إحداهما ، وعلى تقدير الدفع في الاخرى ، دليل على كون المراد بتصديق المسلمين فيهما هو التصديق الخبري لا محالة لا التصديق الصوري.
قلت : نعم ظاهرهما ذلك ، ولكن لا بدّ من حملهما على إرادة التصديق الصوري مع مراعاة الاحتياط في دفع البضاعة ، بقرينة الاستشهاد فيهما بالآية التي يتعيّن حملها على إرادة ذلك كما أشرنا إليه.
هذا كلّه مضافا إلى ما أشار إليه المصنّف رحمهالله هنا. وحاصله : أنّا لو قلنا بظهور الآية والروايات في المدّعى ، وبنينا على خروج ما أخرجه الدليل ، لزم تخصيص الأكثر ، لأنّ المراد بالمؤمنين والمسلمين فيها العموم الأفرادي ، قضيّة لظاهر الجمع المعرّف ، والإجماع منعقد على عدم جواز تصديقهم في الشهادة والرواية إلّا مع شروط خاصّة ، ولا في الحدسيّات والنظريّات إلّا في موارد خاصّة ، كالفتوى ونحوه. ودعوى كون الخارج بحسب النوع لا الأفراد حتّى يلزم المحظور ، يدفعها ـ مع تسليم كثرة الأنواع الباقية ـ ظاهر الجمع المعرّف المقيّد للعموم الأفرادي.
مضافا إلى لزوم تخصيص المورد كما لا يخفى ، فلا مناص من حمل التصديق فيها على التصديق الصوري ، وإلى أنّ آية النبأ دالّة على وجوب التبيّن في خبر الفاسق ، فتخصّص الآية والأخبار المذكورة بها ، فلا تدلّ على تمام المدّعى من وجوب تصديق خبر المسلم مطلقا ، فتأمّل.
ثمّ مع التنزّل عن عموم الدعوى ، فهل يمكن إثبات وجوب حمل خبر العدل على الصدق على الوجه الثالث أو لا؟ وليعلم أنّ مرادنا بالعدل هنا مقابل ما علم فسقه ، لا العدل الواقعي ليدخل فيه ذلك ومن لم تحصل له بعد ملكة العدالة ،