.................................................................................................
______________________________________________________
بالإنكار. وبالجملة ، إنّ عموم اعتبار البيّنة أوضح من أن يتمسّك فيه بمثل هذه الإطلاقات ، وفيما قدّمناه كفاية ، والمعاند لا يكفيه ألف حكاية.
نعم ، بقي في المقام إشكال من جهة اخرى ، وهو أنّ غاية ما يستفاد من الأدلّة المذكورة هو وجوب تصديق البيّنة من حيث الصدق المخبري دون الخبري ، على ما أشرنا إلى الفرق بينهما سابقا ، فغاية ما تدلّ عليه هذه الأدلّة نفي احتمال تعمّد الكذب في شهادة العدلين ، لا نفي الغفلة والسهو والنسيان ونحوها في المقدّمات اعتقادهما ، حتّى ينزّل المشهود به منزلة الواقع فيما كانت شهادتهما مبنيّة على الاعتقاد النظري دون الحسّي. فالأدلّة المذكورة مع تطرّق هذا الاحتمال لا تدلّ على اعتبار البيّنة. ولا يوجد مورد يخلو من جميع هذه الاحتمالات ، وإن وجد فنادر ، فأمّا اللفظيّة منها فلما أشرنا إليه عند بيان اعتبار شهادة العدل الواحد من ظهورها في نفي احتمال تعمّد الكذب خاصّة ، وأمّا غير اللفظيّة منها ـ من بناء العقلاء والاستقراء ـ فلأنّ ما ذكرناه هو المتيقّن منهما ، وأمّا دفع الاحتمالات المزبورة بالاصول فلا يعوّل عليه ، لكونها مثبتة في المقام.
ولعلّ ما ذكرناه هو الوجه في عدم اعتداد العلماء بشهادة العدلين في التقويمات والأروش والجنايات ، حيث اعتبروا فيها كونهما من أهل الخبرة. وكذا قد اعتبروا في باب الرواية بعد اعتبار عدالة الراوي كونه ضابطا ، لأنّ الشبهة في قبول قول الغير في هذه الأبواب ليست من حيث احتمال تعمّد الكذب ، حتّى ينفي بالأدلّة المتقدّمة على اعتبار قول البيّنة أو العدل الواحد ، بل من حيث احتمال الخطأ في الاجتهاد والنظر في التقويمات والسهو والنسيان في الرواية ، والأدلّة المذكورة لا تنفيها. وإن شئت قلت : إنّ اشتراطهم الخبرة والضبط في التقويم والرواية ليس من باب تخصيص أدلّة اعتبار قول البيّنة أو العدل الواحد ، بل من باب عدم شمول أدلّة اعتبار قولهما لقبول قول غير أهل الخبرة وغير الضابط.