.................................................................................................
______________________________________________________
وعلى ما ذكرناه إذا أخبرت البيّنة عن وقوع بيع أو غيره من العقود والإيقاعات ممّا اختلف فيه آراء الأصحاب ، أو عن طهارة ماء مخصوص في الخارج ، أو عن كون يوم معيّن أوّل شهر ، واحتمل كون الشهادة في الأوّل مبنيّة على اعتقاد الصحّة ، ولعلّنا لا نقول بصحّته لو اطّلعنا على اعتقاد البيّنة ، وفي الثاني على اعتقاد طهارة الماء القليل وعدم انفعاله بالملاقاة كما هو رأي بعض الأصحاب ، وقلنا بانفعاله بها ، وفي الثالث على الاجتهاد في علم النجوم ، وقلنا بكون الحكم في أوّل الشهر منوطا بالرؤية كما في قوله عليهالسلام : «صم للرؤية وأفطر للرؤية» لا تسمع هذه الشهادات ، لعدم اندفاع الاحتمالات المذكورة بأدلّة اعتبارها. وهكذا في غير ذلك من الموارد التي احتمل ابتناء شهادة البيّنة على الاعتقاد النظري ، واحتملنا خطأه في بعض مقدّمات اعتقاده.
هذا ، ويمكن دفع هذا الإشكال ببناء العقلاء على عدم الالتفات إلى احتمال السهو والنسيان في الخطابات والأقارير والشهادات. وأمّا احتمال الخطأ في الاجتهاد في النظريّات ، فإن كان المشهود به ممّا لا يحتمل الاجتهاد فيه ، أو علم من حال الشاهد عدم بناء شهادته على الاجتهاد والنظر ، أو احتمل ذلك فيه لكن كان اجتهاده معتبرا عندنا أيضا ، فلا إشكال فيه.
وأمّا في غير ذلك فيمكن دفع الإشكال عنه من وجوه :
أحدها : أن يحمل المشهود به على الصحّة بعد ثبوت أصله بشهادة البيّنة ، فإنّها إذا شهدت بوقوع معاملة ، واحتملنا ابتناء شهادته على اعتقاد صحّته لأجل اجتهاده فيها كذلك ، وقلنا بعدم صحّتها على تقدير وقوعها على طبق ما زعمته البيّنة ، فأدلّة اعتبار قول البيّنة تدلّ على وقوع هذه المعاملة في الجملة ، لاندفاع احتمال تعمّد الكذب بهذه الأدلّة ، واحتمال السهو والنسيان ببناء العقلاء ، فإذا ثبت وقوعها في الجملة وتردّدت بين الصحيحة والفاسدة نحملها على الصحيحة ، حملا لفعل المسلم على الصحيح.