.................................................................................................
______________________________________________________
ولكن هذا الوجه لا يطّرد ، لاختصاصه بما كان من قبيل ذلك ، بأن كان فعلا محتملا للصحّة والفساد ، وكانت شهادة البيّنة مبنيّة على الاعتقاد الناشئ من الاجتهاد والنظر ، بخلاف ما لو شهدت بكون يوم معيّن أوّل شهر ، أو بطهارة ماء مخصوص كما تقدّم. ومرجع الشكّ هنا إلى الشكّ في صحّة اعتقاد البيّنة وعدم خطائها في بعض مقدّمات اعتقادها ، فلا مسرح لقاعدة الحمل على الصحّة في مثله. اللهمّ إلّا أن يحمل اعتقاد البيّنة على الصحّة ، بناء على جريان القاعدة في الاعتقادات.
وثانيها : أن يحمل إقدام البيّنة على الشهادة وتعرّضها لها على الصحّة ، لأنّه أيضا فعل من أفعال المسلم منقسم إلى الصحيح والفاسد ، فيحمل الفرد المشكوك فيه منه على الصحّة. والفرد الصحيح منه ما كان ممضى عند الشارع وترتّب الأثر على ما أقدمت عليه ، والفاسد ما لم يكن كذلك.
وثالثها : أنّ المعتبر في الشهادة لما كان ما وقع على وجه الجزم واليقين دون الظنّ والتردّد ، فظاهر الشهادة على وجه الجزم استنادها إلى الحسّ دون النظر والاجتهاد ، لندرة حصول القطع منه ، فحينئذ يؤخذ بظاهرها ، ولا يلتفت إلى احتمال ابتنائها على الاجتهاد.
ولكن يشكل ذلك بمنع ندرة حصول اليقين من الأدلّة الاجتهاديّة ، لأنّه إن اريد به اليقين الوجداني فهو متّجه ، إلّا أنّه لا دليل على اعتباره في جواز شهادة الشاهد ، لأنّ الأدلّة الاجتهاديّة إذا ثبت اعتبارها شرعا أفادت اليقين الشرعي ، وجاز للشاهد بناء شهادته عليه ، وإن لم تكن معتبرة شرعا فعدالته مانعة من الاقتحام في الشهادة من دون مستند شرعيّ.
ورابعها وهي العمدة في المقام : أنّ المشهود به إن كان من الامور التي لها أسباب نظريّة بحيث تكون الشهادة مستندة إليها غالبا ، وإن استندت إلى الحسّ في بعض الأحيان ، وجب على الحاكم حينئذ أن يسأل الشاهد عن السبب ، ولا يعتني