فالصحّة فيها تكون من وجهين : الأوّل : من حيث كونه حركة من حركات المكلّف ، فيكون الشكّ من حيث كونه مباحا أو محرّما. ولا إشكال في الحمل على الصحّة من هذه الحيثيّة. الثاني : من حيث كونه كاشفا عن مقصود المتكلّم.
والشكّ من هذه الحيثيّة يكون من وجوه : أحدها : من جهة أنّ المتكلّم بذلك القول قصد الكشف بذلك عن معنى أم لم يقصد ، بل تكلّم به من غير قصد لمعنى؟ ولا إشكال في أصالة الصحّة من هذه الحيثيّة بحيث لو ادّعى كون التكلّم لغوا أو غلطا لم يسمع منه.
الثاني : من جهة أنّ المتكلّم صادق في اعتقاده ومعتقد بمؤدّى ما يقوله ، أم هو كاذب في هذا التكلّم في اعتقاده؟ ولا إشكال في أصالة الصحّة هنا ايضا. فإذا أخبر بشىء جاز نسبة اعتقاد مضمون الخبر إليه ، ولا يسمع دعوى أنّه غير معتقد لما يقوله. وكذا إذا قال : افعل كذا ، جاز أن يسند إليه أنّه طالبه في الواقع ، لا أنّه مظهر للطلب صورة لمصلحة كالتوطين أو لمفسدة. وهذان الأصلان ممّا قامت عليهما السيرة القطعيّة ، مع إمكان إجراء ما سلف من أدلّة تنزيه فعل المسلم عن القبيح في المقام. لكنّ المستند فيه ليس تلك الأدلّة.
______________________________________________________
بإطلاق الشهادة من دون ذكر السبب. وإن كان ممّا له أسباب نظريّة وحسيّة ، وكان الغالب استناد الشهادة إلى الحسيّة منها ، فالفرد المشكوك فيه يحمل على الغالب ، ولا يجب عليه السؤال عن السبب حينئذ ، لبناء العقلاء على هذه الغلبة في باب الشهادة في عدم الالتفات إلى احتمال استنادها إلى الأسباب الاجتهاديّة التي يحتمل فيها الخطأ.
ولعلّه إلى ذلك ينظر كلام الشهيد في قواعده ، لأنّه بعد الحكم بحمل إخبار المسلم على الصحّة قال : «يشترط في بعض الموارد هنا ذكر السبب عند اختلاف الأسباب ، كما لو أخبر بنجاسة الماء ، فإنّه يمكن أن يتوهّم ما ليس بسبب سببا وإن كانا عدلين. اللهمّ إلّا أن يكون المخبر فقيها يوافق اعتقاده اعتقاد المخبر. ومنه عدم قبول شهادة الشاهد باستحقاق الشفعة ، أو بأنّ بينهما رضاعا محرّما ، لتحقّق