في الشيء الذي لم يرد فيه نهي من حيث عنوانه الخاصّ ، لا من حيث إنّه مشكوك الحكم ، وإلّا فيمكن العكس بأن يقال : إنّ النهي عن النقض في مورد عدم ثبوت الرخصة بأصالة الإباحة ، فيختصّ الاستصحاب بما لا يجري فيه أصالة البراءة ، فتأمّل.
فالأولى في الجواب أن يقال : إنّ دليل الاستصحاب بمنزلة معمّم للنهي السابق بالنسبة إلى الزمان اللاحق ، فقوله : " لا تنقض اليقين بالشكّ" يدلّ على أنّ النهي الوارد لا بدّ من إبقائه وفرض عمومه للزمان اللاحق وفرض الشيء في الزمان اللاحق ممّا ورد فيه النهي أيضا. فمجموع الرواية المذكورة ودليل الاستصحاب بمنزلة أن يقول : كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي ، وكلّ نهي ورد في شيء فلا بدّ من تعميمه لجميع أزمنة احتماله ، فيكون الرخصة في الشيء وإطلاقه مغيّا بورود النهي المحكوم عليه بالدوام وعموم الأزمان ، فكان مفاد الاستصحاب نفي ما يقتضيه الأصل الآخر في مورد الشكّ لو لا النهي ، وهذا معنى الحكومة ، كما سيجيء في باب التعارض.
______________________________________________________
ذهاب ثلثيه بالهواء من حيث كونه مشكوك الحكم ، إلّا أنّ استصحاب النهي السابق رافع لهذه الإباحة والرخصة ، وبهذا يدخل العصير بعد ذهاب ثلثيه بالهواء في الغاية دون المغيّا.
وحاصل الجواب : أنّ ظاهر قوله : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» هو بيان الرخصة ما لم يصل النهي عن الشيء من حيث عنوانه الخاصّ لا من حيث إنّه مشكوك الحكم ، فيدلّ على إباحة كلّ شيء لم تعلم حرمته واقعا. والمراد بالنهي في قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» هو المنع من نقض الحالة السابقة في المورد المشكوك البقاء ، من حيث كونه مشكوك البقاء فهو يفيد الحرمة الظاهريّة في مورد لم يعلم ارتفاع النهي الواقعي الثابت في السابق. وحينئذ فكما يمكن أن يقال : إنّ المراد بالرخصة في الرّواية الاولى غير مورد تحقّق النهي السابق ، كذلك يمكن أن يقال : إنّ المراد بالنهي في الرواية الثانية غير مورد ثبوت الرخصة للشيء من حيث كونه مشكوك البقاء ، فتتعارضان فتتساقطان.