.................................................................................................
______________________________________________________
التنافي فيه في الحقيقة بين الرواية الاولى والأخيرتين. ووجه الأولويّة : أنّ التعارض موضوع يتعلّق به الحكم بالتخيير مع تكافؤ الدليلين ، وبالترجيح مع مزيّة أحدهما. وهذان الحكمان إنّما يتعلّقان بنفس المتعارضين ، لعدم إمكان تحقّق الحكم في غير موضوعه. فإذا فرض رجحان أحد المتعارضين ، وتعيّن تأويل المرجوح منهما ، فعلى ما اعتبرناه أوّلا من خروج الأمر الخارجي من طرفي التعارض لا بدّ من صرف التأويل إلى نفس الدليل المرجوح دون الأمر الخارجي ، لفرض خروجه من طرفي التعارض. وهو على إطلاقه غير صحيح ، إذ ربّما يتعيّن تأويل الأمر الخارجي أيضا بما يوافق الراجح ، كما إذا فرض كونه ظنيّا والراجح قطعيّا ، إذ المتعارضان كما قد يكونان قطعيّين وقد يكونان ظنّيين وقد يكونان مختلفين ، كذلك الأمر الخارجي قد يكون قطعيّا وقد يكون ظنّيا. فالأولى أن يفرض التعارض بين أحد الدليلين والدليل الآخر مع ضميمة الأمر الخارجي.
ثمّ إنّ التعارض قد يكون على وجه التناقض ، واخرى على وجه التضادّ ، وثالثة على وجه العموم من وجه. وأمّا على وجه العموم مطلقا فلا يشمله قيد التنافي ، لعدم التنافي بين العامّ والخاصّ ، وكذا المطلق والمقيّد بحسب العرف ، بل بين الظاهر والأظهر مطلقا. فلا يصغى إلى خلاف جماعة من أواخر المتأخّرين ممّن يظهر منه دخول ما أشرنا إليه في باب تعارض الأدلّة.
وممّن يظهر منه خروج ذلك منه السيّد عميد الدين في المنية (*) قال : «واعلم أنّ المتعارضين هما اللذان لا يمكن الجمع بين مدلوليهما ، إمّا بأن يكون أحدهما ينفي ما أثبته الآخر من الحيثيّة التي أثبتها مطابقة ، كما لو قال : صلّ في الوقت الفلاني فرضا ، ثمّ قال : لا تصلّ في ذلك الوقت فرضا ، أو التزاما كما لو قال : طف في ذلك الوقت أو صلّ فيه نفلا» انتهى. ولعلّ عدم تعرّضه للدلالة التضمّنية لعدم الاعتداد بها كما قرّر في محلّه.
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «في مبحث حجّية الأخبار. منه».