أنّ التعارض تنافي مدلولي الدليلين على وجه التناقض أو التضادّ. وكيف كان ، فلا يتحقق إلّا بعد اتحاد الموضوع وإلّا لم يمتنع اجتماعهما.
ومنه يعلم : أنّه لا تعارض (٢٧٧١)
______________________________________________________
وكذا الفاضل الجواد حيث قال : «التعارض أن يكون هناك دليلان يتضمّنان حكمين يتعذّر العمل بهما ، وليس أحدهما أولى من الآخر» انتهى ، لأنّ العمل بالعامّين مطلقا ممكن عرفا كما أشرنا إليه.
ويشهد بخروج ذلك من باب التعارض عقد باب في مباحث الألفاظ لكلّ من العامّ والخاصّ مطلقا والمطلق والمقيّد ، حيث يذكرون حكم كلّ منهما ووجه الجمع بينهما في بابه.
ثمّ إنّ تخصيص الدليلين في الحدّ بالذكر لبيان أقلّ المراتب ، وإلّا فقد يتحقّق التعارض بين الأدلّة. وكذا المراد منهما أعمّ من الدليل الاجتهادي والفقاهتي مع تساوي مرتبتهما ، كالخبرين والاستصحابين والبراءتين. وأمّا مع اختلاف مرتبتهما ، كالكتاب والسنّة مع الاصول ، بل الاستصحاب مع البراءة ونحوهما ، فلا تعارض بينهما ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله. وسنشير إلى توضيح ما يتعلّق به ، وكذا إلى سائر ما يتعلّق بأقسام المتعارضين من حيث كونهما قطعيّين أو ظنّيين أو بالاختلاف.
٢٧٧١. لا يذهب عليك أنّ قيد التنافي في الحدّ مخرج لأمرين : أحدهما : مخالفة الاصول للأدلّة الاجتهاديّة ، لعدم تحقّق التعارض بينهما ، لأجل اختلاف موضوعهما. وثانيهما : مخالفة الدليلين القطعيّين ، على ما سيشير إلى بيانه. وتوضيح المقام تارة ببيان الوجوه التي يمكن أن يتوهّم التنافي والتعارض من جهتهما بين الحكم الواقعي والظاهري في موضوع واحد ، واخرى ببيان ما يدفع ذلك.
أمّا الأوّل فاعلم أنّ الحكم الواقعي ما جعله الشارع ـ اقتضاء أو تخييرا ـ للموضوعات الواقعيّة من حيث هي ، يعني : مع قطع النظر عن تعلّق إحدى الإدراكات