.................................................................................................
______________________________________________________
بها ، فلا يتغيّر بالعلم والجهل. والظاهري ما كان مجعولا للجاهل بالحكم الواقعي أو موضوعه. فالفرق بينهما إنّما هو بأخذ الجهل في موضوع الثاني دون الأوّل. ومجرّد ذلك لا يدفع التنافي بينهما ، لأنّه إذا كان شيء في الواقع حراما ، فالشكّ في حرمته أو في موضوعها لا يخرج الموضوع الواقعي من وجوده الواقعي. فالمائع المردّد بين الخمر والخلّ إذا كان خمرا في الواقع تلازمه الحرمة في الواقع ، وحينئذ يمتنع عروض الرخصة له في الظاهر بأصالة الإباحة لوجوه :
أحدها : امتناع اجتماع الضدين ، قضيّة لتضادّ الأحكام الخمسة ، لأنّ الحرمة وإن ثبتت لشرب الخمر في الواقع من حيث هو والإباحة له في حال الجهل ، إلّا أنّ اختلاف جهة المنع والرخصة ـ أعني : جهتي الواقع والظاهر ـ لا يوجب اختلاف موضوعهما في الخارج ، نظير ما لو وجب إكرام زيد لكونه ابن عمرو وإهانته لكونه أخا بكر.
وثانيها : لزوم التكليف بما لا يطاق في بعض صور اختلاف الحكم الواقعي والظاهري ، وإن قلنا بكون تعدّد الجهة مكثّرة للموضوع ، نظير ما ذكروه في امتناع اجتماع الأمر والنهي مع تعدّد الجهة.
وثالثها : امتناع اجتماع المصلحة والمفسدة في موضوع واحد. والتقريب فيه يظهر من الوجه الأوّل. ورابعها : قبح تفويت مصلحة الواقع عن المكلّف ، لأنّه إذا كان فعل في الواقع واجبا أو حراما ، فالرخصة في الترك على الأوّل والفعل على الثاني في الظاهر ـ لأصالة البراءة ـ يوجب تفويت مصلحة فعل الواجب أو ترك الحرام لا محالة.
ومحظور هذه الوجوه لا يندفع إلّا بارتكاب التخصيص في أدلّة الواقع أو الظاهر. ولكن لا سبيل إلى الأوّل إجماعا ، فتعيّن الثاني ، كما عليه جماعة من متأخّري المتأخّرين.