.................................................................................................
______________________________________________________
مثلا ، إلّا أنّه من حيث تنزيل مدلوله منزلة الواقع الاولي في إلغاء احتمال خلافه ، مبيّن بلسان التفسير لرفع حكم الاصول الجارية في مورده. وكذا عمومات العسر والضرر بالنسبة إلى سائر العمومات المثبتة للتكليف ، لأنّها مخصّصة لها بغير موارد العسر والضرر بلسان التفسير. والأمر بالمسارعة إلى الخيرات المقتضي لفوريّة التكاليف بالنسبة إلى الإطلاقات ، إلى غير ذلك ممّا أشار إليه المصنّف رحمهالله. وكذلك الاصول الحاكمة بعضها على بعض ، سواء اتّحد سنخها كالاستصحاب المزيل والمزال ، أم اختلف كالاستصحاب بالنسبة إلى البراءة ، كاستصحاب الحياة بالنسبة إلى أصالة البراءة عن وجوب فطرة عبده ، وهكذا.
وأمّا الثالث فإنّ تخصيص العامّ من باب تقديم ظهور الخاصّ على ظهور العامّ ، لقوّته بالنسبة إليه ، بخلاف الحكومة ، لأنّ تقديم الحاكم على المحكوم كما عرفت لأجل عدم المعارضة بينهما عرفا ، وكون الحاكم مفسّرا للمراد من المحكوم ، لا من باب الترجيح لقوّة الدلالة.
وبالجملة ، إنّ التخصيص من باب دوران الأمر بين رفع اليد عن أحد الظهورين وترجيح أحدهما لقوّته. فالعامّ له ظهور في الشمول لمورد التعارض ، إلّا أنّه قد رفعت اليد عن ظهوره لقوّة ظهور معارضه ، بخلاف الحكومة ، إذ لا ظهور للمحكوم مع ملاحظة الحاكم في الشمول لمورد اجتماعهما ، لما عرفت من كونه مفسّرا للمراد منه ، ومبيّنا لمقدار دلالته ، ولذا يقدّم على المحكوم وإن كان له أدنى مرتبة من الظهور وأوّل درجة من الرجحان ، بخلاف التخصيص ، إذ لا بدّ للخاصّ من ظهور زائد على ظهور العامّ ليترجّح به عليه.
نعم ، تخصيص العامّ بالخاصّ إنّما هو فيما كان الخاصّ ظنّي الدلالة ، وإلّا فإن كان قطعيّا مطلقا أو بحسب الدلالة فهو وارد عليه على الأوّل ، وحاكم عليه على الثاني ، وسنشير إلى توضيحه.