.................................................................................................
______________________________________________________
وقد اختلط الأمر على بعض الأجلّة ، كالمحقّق القمّي رحمهالله وصاحب الإشارات ، ففرضا التعارض بين الأمر بالمسارعة إلى الخيرات وسائر الأوامر المثبتة للتكاليف. وقد عرفت فساده.
وزعم صاحب الرياض كون تقديم الأدلّة اللفظيّة على الاصول من باب التخصيص. وقد عرفت الحال فيه. بل ليس في كلمات العلماء من الحكومة والورود عين ولا أثر ، بمعنى عدم تعبيرهم بهما في كلماتهم ، وإن كانوا قد قدّموا الأدلّة اللفظيّة على الاصول ، وكذا بعض الأدلّة اللفظيّة على بعض ممّا كان بينهما ورود أو حكومة ، كتقديم أدلّة العسر والضرر ونحوها على الأدلّة المثبتة للتكاليف ، إلّا أنّهم لم يبيّنوا وجه التقديم ، وأنّه من باب التخصيص أو الورود أو الحكومة. وقد عرفت حقيقة الحال في الجميع.
وبقي هنا شيء يتعلّق بعبارة المصنّف رحمهالله ، وهو أنّ ما ذكره في ضابط الحكومة بعد قوله : «ومتفرّعا عليه» بقوله : «وميزان ذلك أن يكون بحيث لو فرض عدم ورود ذلك الدليل لكان هذا الدليل لغوا خاليا عن المورد» بظاهره ظاهر الفساد ، لمنع الملازمة في كثير من موارد الحكومة ، مثل أنّ الخاصّ ظنّي الدلالة حاكم على العامّ كما سيأتي. ولا ريب أنّه مع عدم العامّ لا يكون الخاصّ بلا مورد ، مثل قولنا : أكرم العلماء ولا تكرم زيدا العالم ، ومثل أكثر الأدلّة الاجتهاديّة بالنسبة إلى الاصول الشرعيّة.
نعم ، ما ذكره من الأمثلة من قبيل ما ذكره مع تأمّل فيها أيضا ، إذ لو لا الأدلّة المتكفّلة لأحكام الشكوك لم تكن القاعدة التي أشار إليها لغوا محضا ، لموافقتها لأصالة البراءة ، فتكون مؤكّدة لحكم العقل.
نعم ، الغرض من الدليل الحاكم بيان حال المحكوم ومقدار دلالته كما أشرنا إليه ، فلولا الدليل المحكوم كان الحاكم لغوا بلا مورد ، بمعنى خلّوه من محلّ يتعلّق به الغرض المذكور ، لا كونه لغوا محضا لا تترتّب عليه فائدة أصلا. ولعلّه لأجل ما