.................................................................................................
______________________________________________________
القرينة الظنّية التي اعتبرها الشارع جعلا أو إمضاء فنقول : إنّه على الأوّل لا يخلو : إمّا أن يكون دليل التعبّد مطلقا ، أو مقيّدا بعدم القرينة. وعلى الثاني أيضا يحتمل أن يكون دليل اعتبار الظنّ النوعي أو موضوع نفس الظنّ مطلقا أو مقيّدا بما عرفت وأمّا على الثالث فالمدار فيه على صفة الظنّ ، وهو واضح فالأقسام خمسة أو ستّة. وإذا ورد عامّ وخاصّ ، فالخاصّ لا يخلو : إمّا أن يكون قطعيّا مطلقا ، أو ظنّيا كذلك ، أو قطعيّا دلالة وظنّيا سندا ، أو بالعكس. وبضرب الأربعة في الخمسة ترتقي الأقسام إلى عشرين.
ونقول في توضيح أحكام هذه الأقسام : إنّه إذا ورد عامّ وخاصّ فلا إشكال في تقديم الخاصّ عليه في الجملة. وإنّما الإشكال في وجه التقديم ، فإن كان الخاصّ قطعيّا مطلقا فلا إشكال في كونه من باب الورود ، لارتفاع موضوع أصالة الحقيقة في العامّ به حقيقة.
وإن كان ظنّيا مطلقا ، أو سندا خاصّة كالنصّ من الآحاد ، أو دلالة كذلك كالخاصّ الظنّي من الكتاب ، فإن كان العمل بأصالة الحقيقة من باب التعبّد المقيّد أو الظنّ النوعي كذلك دليلا أو موضوعا على ما عرفت ، فالخاصّ وارد عليها ، لرفعه موضوعها حقيقة بالفرض. وإن كان من باب التعبّد المطلق فالخاصّ حاكم عليها ، لأنّ الخاصّ وإن لم يعلم بصدوره عن الشارع ولا بما هو المراد منه واقعا ، إلّا أنّه بمقتضى دليل اعتباره دلالة وسندا منزّل بمنزلة الواقع ، بجعل احتمال مخالفة مؤدّاه للواقع بمنزلة العدم ، في عدم ترتّب ما كان يترتّب على هذا الاحتمال من الأثر لو لا حجّيته ، وهو وجوب العمل بالعامّ. وبعبارة اخرى : أنّ العمل بأصالة الحقيقة في العامّ إنّما هو في مورد احتمال وجود المخصّص وعدمه ، والخاصّ المعتبر شرعا رافع لاحتمال العدم شرعا ، فيكون بمقتضى دليل اعتباره حاكما عليها.