.................................................................................................
______________________________________________________
إجرائها في كلّ واحد من المتعارضين ، بأن يصدّقا من حيث الصدور ، ومن حيث وجه الصدور ، ومن حيث الدلالة. ولكن تصديقهما من هذه الحيثيّات جميعا موجب للتعارض والتمانع بينهما ، فلا بدّ في رفع التعارض بينهما من رفع اليد عن مقتضى إحدى هذه القواعد في أحد المتعارضين أو كليهما ، بأن يؤخذ بأحدهما سندا ويطرح الآخر كذلك ، وحينئذ يخرج المطروح من مورد القاعدتين الأخيرتين أيضا ، لتوقّف إعمال مقتضاهما على اعتبار موردهما ، أو يؤوّل ظاهرهما بما يرفع التنافي بينهما ، إذ الكلام في تعارض المتباينين اللذين لا يجتمعان إلّا بصرف كلّ منهما عن ظاهره ، فلا يكفي التأويل في أحدهما ، أو يحمل أحدهما على التقيّة.
والشكّ في جريان إحدى هذه القواعد ليس مسبّبا عن الشكّ في جريان الاخرى حتّى يقدّم الشكّ السببى على الشكّ المسبّب منهما ، بل الشكّ في جريان كلّ واحدة منها مسبّب عن ثالث ، وهو العلم الإجمالي بانتفاء مقتضي إحداها في مورد التعارض. فحينئذ لا وجه لتقديم التصرّف في ظاهر المتعارضين على رفع اليد عن سند أحدهما المخيّر أو المعيّن مع وجود مرجّح ، أو حمل أحدهما على التقيّة ، لأنّا إن سلّمنا عدم الدليل على تقديم الثّاني لا دليل على تقديم الأوّل أيضا. وذلك لأنّه لمّا لم يمكن إعمال كلّ منهما بحسب السند والدلالة ، لتمانعهما وتزاحمهما ، ولا طرح كلّ منهما لأجل ما دلّ على اعتبارهما سندا ودلالة ، فما هو ممكن إمّا هو الأخذ بأحدهما وطرح الآخر بالكلّية كما هو المشهور ، وإمّا هو الأخذ بسندهما وطرح ظاهرهما ، كما هو مقتضى قاعدة الجمع ، والثاني ليس بأولى من الأوّل ، لأنّ التعبّد بسند أحدهما يقينيّ ، للزومه على صورتي الإمكان ، وكذا طرح ظاهر أحدهما ، وهو ظاهر الآخر غير المتيقّن التعبّد بسنده ، ففي كلّ من صورتي الإمكان لا بدّ من الأخذ بسند أحدهما وطرح ظاهر الآخر ولو بواسطة طرح سنده. ففي ترجيح إحدى الصورتين وتعيينها لا بدّ من ارتكاب خلاف أصل ، إمّا في الاولى فهو ارتكاب طرح سند أحدهما ، وهو مخالف لما دلّ على اعتباره سندا ، وإمّا