.................................................................................................
______________________________________________________
من الأخبار المتعارضة المرويّة عن أئمّتنا المعصومين عليهمالسلام لا يمكن الجمع بينها بإخراج محمل صحيح لها.
وبالجملة ، إنّ المتعارضين بالعموم والخصوص مطلقا ليس من موارد الترجيح أصلا لا عقلا ولا عرفا. أمّا الأوّل فلإمكان حمل العامّ على الخاصّ. وأمّا الثاني فلعدم انفهام التنافي بينهما عرفا. وإذا لم يكن الخبران المتعارضان بظاهرهما على وجه التباين موردين للترجيح ، لم يكن المتعارضان بالعموم من وجه موردا له بطريق أولى ، فتبقى أخبار الترجيح بلا مورد.
فإن قلت : كيف تنكر جواز الجمع بما أمكن وقد ورد في بعض الأخبار تفسير بعض آخر منها بما لا يحتمله اللفظ إلّا من باب مجرّد الاحتمال؟ مثل ما ورد عن بعضهم عليهمالسلام لمّا سأله بعض أهل العراق وقال : «كم آية تقرأ في صلاة الزوال؟ فقال عليهالسلام : ثمانون ، ولم يعد السائل (*) ، فقال عليهالسلام : هذا يظنّ أنّه من أهل الإدراك! فقيل له عليهالسلام : ما أردت بذلك؟ وما هذه الآيات؟ فقال عليهالسلام : أردت منها ما يقرأ في نافلة الزوال ، فإنّ الحمد والتوحيد لا يزيد على عشر آيات ، ونافلة الزوال ثمان ركعات». وما ورد من أنّ الوتر واجب ، فلمّا فرغ السائل واستقرّ فقال عليهالسلام : «إنّما عنيت وجوبها على النبيّ صلىاللهعليهوآله». إلى غير ذلك ممّا سيشير إليه المصنّف رحمهالله من الأخبار.
قلت : لا إشكال في عدم الاعتماد على أمثال هذه التفاسير من دون نصّ وبيان من الشارع ، سيّما في غير مقام التعارض كما هو ظاهر الأخبار المذكورة ، لأنّها أسرار خفيّة لا نهتدي إليها بعقولنا القاصرة. ولم يثبت الدليل على كوننا مكلّفين بإبداء أمثال هذه الاحتمالات البعيدة عن مقتضيات الأخبار ، إن لم يثبت
__________________
(*) هذه الرواية نقلها المحشّي قدسسره باختصار مع اختلاف في الألفاظ ، وفي الوسائل (٤ : ٧٥٠ ب «١٣» من أبواب القراءة في الصلاة ح ٣) بعد قوله عليهالسلام : ثمانون آية هكذا : «فخرج الرجل ، فقال عليهالسلام : يا أبا هارون هل رأيت شيخا أعجب من هذا الذي يزعم أهل العراق أنّه عاقلهم ، يا أبا هارون إنّ المحمد سبع آيات ، وقل هو الله أحد ثلاث آيات ، فهذه عشر آيات ، والزوال ثمان ركعات ، فهذه ثمانون آية».