وكيف كان ، فالكلام في مستند أولويّة الجمع (٢٧٩٧) بهذا النحو ، أعني العمل بكلّ من الدليلين في بعض مدلولهما المستلزم للمخالفة القطعيّة لمقتضى الدليلين ؛ لأنّ الدليل الواحد لا يتبعّض في الصدق والكذب. ومثل هذا غير جار في أدلّة الأحكام الشرعيّة.
______________________________________________________
المعمول به منهما في محلّ التعارض ، وهذا ليس من الجمع في شيء كما هو واضح.
٢٧٩٧. قوله «فالكلام» مبتدأ ، و «في مستند» خبره. وحاصله : أنّ كيفيّة الجمع في تعارض البيّنات غير جارية في متعارضات أدلّة الأحكام ، لأنّ الجمع في الثانية بتأويل ظاهر المتعارضين ، وهذا غير جار في تعارض البيّنتين ، لنصوصيّة شهادة البيّنة لأجل تصريحها بالمراد ، فلا يتأتّى التأويل في كلامهما. فالجمع فيها منحصر في تصديقها في بعض مدلول كلامها ، وهذا أيضا غير جار في تعارض أدلّة الأحكام ، لأنّ مضمون خبر العادل ـ أعني : صدور هذا القول الخاصّ عن الإمام عليهالسلام ـ غير قابل للتبعيض ، نظير تعارض البيّنات في الزوجيّة والنسب مثلا.
نعم ربّما يتاتى التبعيض من حيث التصديق والتكذيب بحسب ترتيب الآثار لانّ مقتضى تصديق العادل هو ترتيب الحكم المخبر به فى جميع افراد موضوعة فيما اذا كان ذا افراد مثل ما لو ورد اكرم العلماء واهن العلماء فيوخذ بقول احدهما في وجوب اكرام بعض العلماء والآخر في وجوب اهانة بعض آخر ، إلّا أنّ هذا النحو من الجمع غير صحيح في تعارض أدلّة الأحكام ، لاستلزامه المخالفة القطعيّة مقدّمة للعلم بالإطاعة ، وهو قبيح عقلا في باب الإطاعة والمعصية ، لأنّ الحقّ فيه لواحد وهو الله تعالى ، وهو لا يرضى بذلك ، بخلاف تعارض البيّنات ، لأنّ الحقّ فيه لمتعدّد ، وفي الجمع المذكور جمع بين الحقّين. وهذا محصّل ما ذكره المصنّف رحمهالله.
وتحقيق المقام في تعارض البيّنات : أنّا إن قلنا باعتبار البيّنة من باب الطريقيّة والمرآتيّة إلى الواقع ، فعند تعارضها لا بدّ من التوقّف والرجوع إلى مقتضى الاصول في مورد التعارض مطلقا ، لخروجهما من وصف الطريقيّة لأجل التمانع والتزاحم ، نظير تعارض الأخبار على القول باعتبارها من باب الطريقيّة ، على ما سيوضحه المصنّف رحمهالله.