والتحقيق : أنّ العمل بالدليلين بمعنى الحركة والسكون على طبق مدلولهما ، غير ممكن مطلقا (٢٧٩٨) ، فلا بدّ على القول بعموم القضية المشهورة من العمل
______________________________________________________
وإن قلنا باعتبارها من باب التعبّد والسببيّة المحضة ، بأن كان اعتبار شهادة العدل لأجل مراعاة حال العادل ، بأن لا يكذب في شهادته مع قطع النظر عن كشفها عن الواقع ونظرها إليه ، فحينئذ يجب الجمع بالتبعيض في مدلول شهادتهما ، لأنّ العمل على طبق شهادة البيّنتين ممتنع بالفرض ، ولا مرجّح لإحداهما بحكم الفرض ، مع أنّ اعتبار المرجّحات في تعارض البيّنات ثابت في موارد خاصّة على خلاف الأصل ، وقد عرفت أيضا عدم إمكان الجمع بينهما بصرف التأويل إلى ظاهر كلماتهما ، ولا دليل على التخيير في حقوق الناس عقلا ولا نقلا ، فتعيّن الجمع بينهما بالتبعيض بين مدلول كلامهما. وحيث كان اعتبار البيّنة من باب الطريقيّة يتعيّن في مورد تعارضها الرجوع إلى القرعة ، لأنّها لكلّ أمر مشكل ، ولعلّه لذا اختار المصنّف رحمهالله ذلك في آخر كلامه.
هذا كلّه بالنظر إلى الأصل والقاعدة. وأمّا بالنظر إلى خصوصيّات الموارد ففيه تفصيل ، فمنها ما لا يمكن التشريك فيه ، ولا يمكن الجمع بينهما أصلا ، كتعارض البيّنات في الأنساب ، وفي وقوع عقد النكاح ، وما يضاهيهما ممّا لا يحتمل فيه التشريك ، فلا بدّ حينئذ من التوقّف والرجوع إلى الاصول حتّى على القول باعتبارها من باب الموضوعيّة أيضا ، ولم يعملوا فيها بالقرعة.
ومنها ما يمكن فيه التشريك والتعارض ، وحينئذ إن وقع في خصوص الأملاك ـ كما هو محلّ الكلام في المقام ـ يحكم بالتشريك في المتنازع فيه ، وكأنّه إجماعيّ. وإن وقع في مثل التقويمات ، بأن قامت بيّنة بأنّ قيمة هذا الشيء عشرة ، وقامت اخرى بأنّها خمسة ، فيتأتّى فيه الاحتمالان ، من الحكم بالتشريك ، بأن يصدّق كلّ منهما في نصف القيمة ، ومن الحكم بالقرعة.
٢٧٩٨. سواء كان ذلك في الموضوعات التي هي موارد البيّنة ، أو الأحكام الكلّية التي هي موارد الأدلّة الشرعيّة.