ثمّ إنّ حكم التعادل (٢٨٣٢)
______________________________________________________
فلا بدّ أن يكون المراد بقوله عليهالسلام : «بأيّهما أخذت وسعك» هو التوسعة في العمل بأيّهما أراد لا في مجرّد الالتزام. ولعلّ هذا هو الأقوى في المقام.
٢٨٣٢. توضيح المقام : أنّه كما قد تتعارض الأمارات الشرعيّة بعضها مع بعض ، فربّما يوجد هنا مرجّح لأحدهما ، فيرجّح الراجح منهما على الآخر ، وقد يتعادلان فيثبت التخيير ، كذلك مع تعارض أقوال أهل اللغة قد يوجد مرجّح لأحدها وقد لا يوجد.
ولكنّهم قد ذكروا هنا أنّه إن كان بين المتعارضين منها من النسب تباين كلّي ، كما إذا قال أحدهما : إنّ العين بمعنى الذهب ، وقال الآخر : بمعنى الفضّة ، أو عموم من وجه ، كما إذا قال أحدهما : الغناء هو الصوت المطرب ، والآخر : إنّه الصوت مع الترجيع ، يحكم بالاشتراك اللفظي حينئذ. وإن كان بينهما عموم وخصوص مطلقا يؤخذ بقول من ادّعى العموم. والوجه في المقامين كون المثبت مقدّما على النافي ، إذ المثبت ربّما يطّلع على ما لم يطّلع عليه النافي ، إذ مرجع تعارضهما إلى دعوى المثبت اطّلاعه على كون اللفظ موضوعا لهذا المعنى ، ودعوى النافي عدم اطّلاعه عليه ، فلا تعارض بينهما حقيقة. فحيث ادّعى كلّ منهما ما يباين الآخر أو يعمّه من وجه فيؤخذ بكلّ منهما ، لتصادقهما على الثاني في مادّة الاجتماع ، وأمّا في مادّة الافتراق فهما فيها كمدّعي المباين للآخر.
وأمّا إذا كان بينهما عموم مطلقا ، فإنّ مرجع دعوى مدّعي العموم أيضا إلى دعوى اطّلاعه على بعض الموارد التي لم يطّلع عليها الآخر ، فلا يتحقّق التنافي أيضا. وهذا هو الأصل في تعارض اللغات على ما ذكروه. وأوّل من تصدّى لذلك هو العلّامة الطباطبائي في شرحه على الوافية.
وأمّا لو قام بعض القرائن الموهنة للاشتراك اللفظي (*) أو حمله على العموم في الصورة الثالثة ، كما لو ادّعى أحدهما وضع اللفظ في لغة طائفة من العرب ، وادّعى
__________________
(*) في بعض النسخ : في الصورتان الأوليين.