الأوّل : في وجوب ترجيح أحد الخبرين بالمزيّة الداخليّة أو الخارجيّة الموجودة فيه. الثاني : في ذكر المزايا المنصوصة والأخبار الواردة. الثالث : في وجوب الاقتصار عليها أو التعدّي إلى غيرها. الرابع : في بيان المرجّحات من الداخليّة والخارجيّة.
أمّا المقام الأوّل فالمشهور فيه وجوب الترجيح (١). وحكي عن جماعة منهم الباقلاني (٢٨٣٦) والجبّائيان ، عدم الاعتبار بالمزيّة وجريان حكم التعادل.
ويدلّ على المشهور مضافا إلى الإجماع المحقّق والسيرة القطعيّة والمحكيّة عن الخلف والسلف وتواتر الأخبار بذلك : أنّ حكم المتعارضين من الأدلّة على ما عرفت بعد عدم جواز طرحهما معا ، إمّا التخيير لو كانت الحجّية من باب الموضوعيّة والسببيّة ، وإمّا التوقّف لو كانت الحجّية من باب الطريقية ، ومرجع التوقّف أيضا إلى التخيير (٢٨٣٧) إذا لم نجعل الأصل من المرجّحات أو فرضنا الكلام في
______________________________________________________
المنقول مطلقا ، وفي المحصّل على طريقة القدماء دون المتأخّرين ، لما عرفت من عدم إمكان فرض التعارض على طريقتهم ، بخلافه على طريقة القدماء ، لكون الإجماع على طريقتهم كالنصّ القطعيّ الصدور. والله العالم والهادي إلى الصواب.
٢٨٣٦. ومنهم السيّد الصدر الشارح للوافية ، حيث ذهب إلى استحباب الترجيح ، كما سيأتي في كلام المصنّف رحمهالله. وسنشير إلى ما يتعلّق بكلامه. وعليه فالأقوال في المسألة ثلاثة : وجوب الترجيح ، واستحبابه ، وعدم شيء منهما.
٢٨٣٧. حاصله : أنّا إن لم نجعل الأصل من المرجّحات ، فمرجع التوقّف إلى التخيير إمّا بالنقل أو العقل. أمّا الأوّل فواضح ، لأنّ الأخبار بإطلاقها تدلّ على ثبوت التخيير في المتكافئين مطلقا ، سواء كان أحدهما مطابقا بالأصل أم لا. وأمّا الثاني فهو مبنيّ على جواز تزاحم الطريقين وعدم تساقطهما عند التعارض ، نظير تزاحم السببين ، إذ على تقدير التساقط لا بدّ من الرجوع إلى الأصل الموافق لا محالة. ولكن شيء من الوجهين لا يجدي في نفي وجوب الترجيح عند وجود المرجّح كما أوضحه المصنّف رحمهالله ، وإن جعلنا الأصل من المرجّحات ، فلا بدّ من فرض الكلام في صورة مخالفة كلّ من الخبرين للأصل ، إذ لا مناص من القول بالتخيير حينئذ عقلا.