مخالفي الأصل ؛ إذ على تقدير الترجيح بالأصل يخرج صورة مطابقة أحدهما للأصل عن مورد التعادل. فالحكم بالتخيير ، على تقدير فقده (٢٨٣٨) أو كونه مرجعا ، بناء على أنّ الحكم في المتعادلين مطلقا (٢٨٣٩) التخيير ، لا الرجوع إلى الأصل المطابق لأحدهما. والتخيير إمّا بالنقل وإمّا بالعقل ، أمّا النقل فقد قيّد فيه التخيير بفقد المرجّح ، وبه يقيّد ما اطلق فيه التخيير ، وأمّا العقل فلا يدلّ على التخيير بعد احتمال اعتبار الشارع للمزيّة وتعيين العمل بذيها.
ولا يندفع هذا الاحتمال بإطلاق أدلّة العمل بالأخبار ؛ لأنّها في مقام تعيين العمل بكلّ من المتعارضين مع الإمكان ، لكن صورة التعارض ليست من صور إمكان العمل بكلّ منهما ، وإلّا لتعيّن العمل بكليهما. والعقل إنّما يستفيد من ذلك الحكم المعلّق بالإمكان عدم جواز طرح كليهما (*) ، لا التخيير بينهما ، وإنّما يحكم بالتخيير بضميمة أنّ تعيين أحدهما ترجيح بلا مرجّح ، فإن استقلّ بعدم المرجّح حكم بالتخيير ؛ لأنّه نتيجة عدم إمكان الجمع وعدم جواز الطرح وعدم وجود المرجّح لأحدهما ، وإن لم يستقلّ بالمقدّمة الثالثة توقّف عن التخيير ، فيكون العمل بالراجح معلوم الجواز والعمل بالمرجوح مشكوكا.
______________________________________________________
وممّا ذكرناه قد ظهر أنّه لا بدّ أن يقيّد قوله : «إذا لم نجعل الأصل من المرجّحات» بعدم جواز الرجوع إلى الأصل الموافق أيضا ، كما أشار إليه بقوله الآتي : «بناء على أنّ الحكم في المتعادلين مطلقا ...» ، لأنّه في حكم الترجيح في وجوب العمل بأحدهما المعيّن ، فلا يجتمع مع القول بالتخيير ، كيف لا وهو والقول بالتساقط والرجوع إلى الأصل المطابق قولان مختلفان في المسألة ، كما تقدّم في عنوان المسألة.
٢٨٣٨. أي : فقد الأصل الموافق.
٢٨٣٩. أي : سواء كان الأصل الموجود موافقا لأحدهما أم مخالفا لهما.
__________________
(*) فى بعض النسخ زيادة : مع إمكان الأخذ بأحدهما.