.................................................................................................
______________________________________________________
ويؤيّده أيضا كون الشبهة في مورد الرواية حكميّة لا موضوعيّة. ويحتمل أن يكون التحرّي والاجتهاد في مستند الحكمين قبل تحقّق الحكم الاصطلاحي منهما ، بأن كان المراد الرجوع إلى المرجّحات عند اختلافهما في مستند الحكم عند مذاكرة الحكم الكلّي قبل صدور الحكم الاصطلاحي منهما ، كما يستحبّ للحاكم الشرعيّ إحضار جماعة عند المرافعة ليأمن به من الخطأ في الحكم ، فتأمّل.
وثانيها : اشتمال الرواية على تقديم الترجيح بصفات الراوي على الترجيح بالشهرة ، وهو مخالف للسيرة المستمرّة قديما وحديثا فيما بينهم.
والجواب عنه : ما أشار إليه بقوله : «إلّا أن يمنع ذلك». وتوضيحه : أنّ السيرة المذكورة إنّما تسلّم إذا كان المراد بالشهرة هي الشهرة بحسب الفتوى دون الرواية ، لخروج الخبر غير المشهور حينئذ من الحجّية كما لا يخف ، بخلاف ما لو كان المراد بها الشهرة بحسب الرواية ، إذ نمنع حينئذ تحقّق الإجماع على تقديم المشهور على ما اشتمل على صفات الراوي من المتعارضين.
وممّا يدلّ على كون المراد بها في مورد الرواية هي الشهرة بحسب الرواية دون الفتوى ، أنّ الفتوى المصطلح عليها لم تكن معروفة بين أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، لأنّ إفتاء أصحابهم كان على سبيل نقل الخبر بالمعنى ، وكان عمل المستفتين أيضا بأقوالهم لأجل حصول الوثوق بما ينقلونه عن أئمّتهم لا لأجل التعبّد بما ترجّح في نظرهم من الأدلّة والظنون الاجتهاديّة. مع أنّ الراوي فرض كون الخبرين مشهورين بعد تساويهما في صفات الراوي ، ومن المعلوم عدم إمكان تحقّق الشهرة بحسب الفتوى على طرفي المسألة في زمان واحد وفي واقعة واحدة ، وحينئذ فلا غرو في تقديم الترجيح بالصفات على الترجيح بالشهرة ، والسرّ فيه يظهر ممّا أوضحه المصنّف رحمهالله من العلّة.
نعم ، يبقى في المقام أنّ الرواية مطلقة تقتضي تقديم الترجيح بالصفات مطلقا ، حتّى فيما لو كان بين رواة الخبر المشهور من هو أفقه من المتفرّد بالشاذ ، والعلّة