الثالث : ما رواه الصدوق بإسناده عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام في حديث طويل ، قال فيه : " فما ورد عليكم من حديثين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله ، فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتّبعوا ما وافق الكتاب ، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فما كان في السنّة موجودا منهيا عنه نهي حرام أو مأمورا به عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر إلزام ، فاتّبعوا ما وافق نهي النبيّ صلىاللهعليهوآله وأمره ، وما كان في السنّة نهي إعافة أو كراهة (٢٨٥٥) ثمّ كان الخبر خلافه ، فذلك رخصة فيما عافه رسول الله صلىاللهعليهوآله وكرهه ولم يحرّمه ، فذلك الذي يسع الأخذ بهما (٢٨٥٦) جميعا ، وبأيّهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتّباع والردّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وما لم تجدوه في شيء من هذه الوجوه فردّوا إلينا علمه ، فنحن أولى بذلك ، ولا تقولوا فيه بآرائكم ، وعليكم بالكفّ والتثبّت والوقوف ، وأنتم طالبون باحثون حتّى يأتيكم البيان من عندنا" (٥).
الرابع : ما عن رسالة القطب الراوندي بسنده الصحيح عن الصادق عليهالسلام : " إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه" (٦).
______________________________________________________
فالموافقة من جميع الجهات غير ممكنة. نعم ، مخالفتهما له ممكنة ، كما لو ورد خبر على استحباب فعل ، وآخر على كراهته ، ووجد قول بالوجوب أو الحرمة.
٢٨٥٥. لعلّ المراد بنهي الإعافة ما وقع فيه الزجر عن ارتكاب المنهيّ عنه ببيان بعض خواصّه ، وبنهي الكراهة ما ورد النهي فيه مطلقا من دون تعرّض لخواصّه وآثاره. وفي القاموس : عاف الطعام والشراب ـ وقد يقال في غيرهما ـ كرهه فلم يشربه ، وعفت الطير أعيفها إعافة أي : زجرتها. وكيف كان ، فالمراد بهما هو النهي غير الإلزامي.
٢٨٥٦. أي : الموافق والمخالف.