غيره ، وهي هنا المقبولة. ولا دليل على الترجيح بالشهرة العمليّة ، مع أنّا نمنع أنّ عمل (٢٨٦٣) المشهور على تقديم الخبر المشهور رواية على غيره إذا كان الغير أصحّ منه من حيث صفات الراوي ، خصوصا صفة الأفقهيّة.
ويمكن أن يقال : إنّ السؤال لما كان عن الحكمين كان الترجيح فيهما من حيث الصفات ، فقال عليهالسلام : " الحكم ما حكم به أعدلهما ..." مع أنّ السائل ذكر : " أنّهما اختلفا (٢٨٦٤) في حديثكم" ؛ ومن هنا اتّفق الفقهاء على عدم الترجيح بين الحكّام إلّا بالفقاهة والورع ، فالمقبولة نظير رواية داود بن الحصين الواردة في اختلاف الحكمين من دون تعرّض الراوي ، لكون منشأ اختلافهما الاختلاف في الروايات ، حيث قال عليهالسلام : " ينظر إلى أفقههما وأعلمهما وأورعهما فينفذ حكمه" ، وحينئذ فيكون الصفات من مرجّحات الحكمين.
______________________________________________________
غير موضع من الكتاب ، إلّا أنّ ضعفها منجبر بموافقتها سيرة العلماء رضوان الله عليهم في باب الترجيح.
وأمّا الثانية فإنّها وإن كانت موهونة بإعراض الأصحاب عنها من حيث تقديم الترجيح بصفات الراوي فيها على الترجيح بالشهرة ، إلّا أنّ وهنها منجبر بتلقّي الأصحاب لها بالقبول حتّى سمّيت مقبولة ، بل السند أيضا إمّا صحيح أو موثّق كما تقدّم ، فإذن لا ترجيح لشيء منهما على الآخر حتّى يؤخذ به ويطرح الآخر.
٢٨٦٣. بذلك تخرج المقبولة من المخالفة لعمل الأصحاب.
٢٨٦٤. يعني : أنّ جواب الإمام عليهالسلام عن السؤال عن اختلاف الحكمين ـ مع أنّ السائل ذكر أنّهما اختلفا في حديثكم ـ بالرجوع إلى الصفات التي هي من المرجّحات بين الحكّام ، يرشد إلى إعراض الإمام عليهالسلام عن الجواب عن حيثيّة اختلافهما في مستند حكمهما. نعم ، لمّا فرض الراوي تساويهما فيها أرجعه الإمام عليهالسلام إلى ملاحظة مرجّحات مستندهما ، فأوّل مرجّحات الرواية في المقبولة هي الشهرة ، فتوافق المقبولة حينئذ.