التخيير ، فالأصل هو العمل بالراجح. إلّا أن يقال : إنّ إطلاقات التخيير حاكمة على هذا الأصل ، فلا بدّ للمتعدّي من المرجّحات الخاصّة المنصوصة من أحد أمرين : إمّا أن يستنبط من النصوص ـ ولو بمعونة الفتاوى ـ وجوب العمل بكلّ مزيّة توجب أقربيّة ذيها إلى الواقع ، وإمّا أن يستظهر من إطلاقات التخيير (٢٨٧٠) الاختصاص بصورة التكافؤ من جميع الوجوه.
______________________________________________________
وأمّا على القول في المتكافئين بالتوقّف والرجوع إلى الاحتياط إمّا مطلقا أو الاحتياط المطابق لأحدهما ، فقد تقدّم في المقام الأوّل أيضا أنّه للأخبار الدالّة عليه ، ولا شكّ أنّ المتيقّن من تلك الأخبار هو التوقّف والاحتياط وعدم الترجيح بغير المرجّحات المنصوصة. ومن هنا يظهر وجه جعل أصالة عدم الترجيح بالمزايا من لوازم القول بالاحتياط في المتكافئين ، وأصالة الترجيح بها من لوازم القول بالتخيير فيهما.
٢٨٧٠. لا أرى وجها لهذا الاستظهار ، لأنّ الوجه فيه إن كان ظهور الأسئلة ، نظرا إلى أنّ قول السائل : يأتي عنكم خبران أحدهما يأمرنا والآخر ينهانا كيف نصنع؟ [ظاهر](*) في اختصاص مورد السؤال بصورة التحيّر ، ولا تحيّر مع وجود المزايا ، يرد عليه : أنّ مجرّد وجود المزيّة في أحد الخبرين لا يرفع التحيّر ، لأنّ الرافع له هو العلم باعتبار الشارع لها لا مجرّد وجودها ، ولذا وقع السؤال عن المتعارضين في مورد أخبار الترجيح مع ظهوره في صورة التحيّر ، وأرجعه الإمام عليهالسلام إلى ملاحظة المرجّحات. مع أنّ اختصاص مورد أخبار التخيير بصورة عدم المزيّة أصلا لا يجدي في إثبات اعتبار المزيّة مطلقا ، لأنّ ثبوت التخيير حينئذ أعمّ من المدّعى. وإن كان قرينة اخرى مستفادة من الأخبار فهي مفقودة كما لا يخفى.
__________________
(*) سقط ما بين المعقوفتين من الطبعة الحجريّة ، وإنّما أثبتناه ليستقيم المعنى ، إذ بدونه تبقى «أنّ» بلا خبر.