.................................................................................................
______________________________________________________
على انتفائها في الآخر ، ولعلّها لم تصل إليهم ، وعدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود ، وغايته حصول الظنّ بذلك ، ولا دليل على اعتباره بالخصوص في المقام. ومن هنا يظهر الكلام في الأصدقيّة والأورعيّة.
فإن قلت : إنّ غاية ما ذكرت هو جواز إعمال الظنّ في تشخيص ما جعله الشارع مرجّحا ، لأنّه بعد انسداد باب العلم بموارد تحقّق المرجّحات يقوم الظنّ مقامه ، لكن ذلك لا يوجب جواز الترجيح بكلّ مزيّة موجودة في أحدهما مفقودة في الآخر.
قلت هذا بعينه دليل من قال بالظنّ الطريقي بعد انسداد باب العلم بالأحكام ، وما هو الجواب هناك هو الجواب هنا حذوا بحذو ، فلا حاجة إلى إعادة الكلام هنا.
وثانيهما : ـ وهو ما سلكه بعض المتأخّرين على ما حكي عنه ـ أنّه مع تعارض الخبرين مع رجحان أحدهما وعدم إمكان العمل بهما معا ، لا يخلو : إمّا أن يلقى الخبران ويرجع إلى مقتضى الاصول ، أو يؤخذ بالراجح منهما ، أو بالمرجوح ، أو يتخيّر بينهما. أمّا الأوّل ففيه : أنّ العلم الإجمالي بصدور بعض الأخبار المتعارضة ـ بل أغلبها ـ مع تكليفنا بالعمل بمقتضاها مانع من العمل بمقتضى الاصول. وأمّا الثاني فهو المطلوب. وأمّا الثالث فهو يستلزم ترجيح المرجوح على الراجح. وأمّا الرابع فهو يستلزم التسوية بين الراجح والمرجوح ، وهو كسابقه قبيح على الشارع.
فإن قلت : إنّ هذا الدليل لو تمّ لجرى في نفس الأحكام الكلّية أيضا ، وهو ينافي القول بالظنون الخاصّة فيها ، ولذا استبعد المحقّق القمّي رحمهالله اعتبار الظنون المطلقة في باب التراجيح دون الأحكام الكلّية.
قلت : إنّ دليل الانسداد إنّما يثبت اعتبار الظنون المطلقة على حسب ما حصل العلم الإجمالي بالتكاليف الواقعيّة ، فإن حصل العلم الإجمالي بالتكاليف في الواقع مطلقا يدلّ على اعتبار مطلق الظنّ بها من أيّ سبب حصل ، وإن حصل العلم بها بشرط تأدية طرق مخصوصة وهي مجهولة عندنا ، يدلّ على اعتبار الظنّ