إلى عدم الاقتصار على المرجّحات الخاصّة (١٩) ، بل ادّعى بعضهم ظهور الإجماع وعدم ظهور الخلاف على وجوب العمل بالراجح من الدليلين بعد أن حكى الإجماع عليه عن جماعة.
وكيف كان ، فما يمكن استفادة هذا المطلب منه فقرات من الروايات : منها : الترجيح بالأصدقيّة (٢٨٧٢) في المقبولة وبالأوثقيّة في المرفوعة ؛ فإنّ اعتبار هاتين الصفتين ليس إلّا لترجيح الأقرب إلى مطابقة الواقع في نظر الناظر في المتعارضين من حيث إنّه أقرب من غير مدخليّة خصوصيّة سبب ، وليستا كالأعدليّة والأفقهيّة تحتملان اعتبار الأقربية الحاصلة من السبب الخاص.
______________________________________________________
الباقر عليهالسلام كانوا مكلّفين بالتخيير في متعارضات الأخبار وإلغاء الترجيح بالكليّة ، أو كانوا غير محتاجين إلى إعمال المرجّحات ، لعدم تعارض الأخبار إلى زمان صدور هذه الأخبار ، أو يقال بجواز تأخير البيان عن وقت الحاجة. والأوّل يستلزم تغيّر أحكام الله تعالى باختلاف الأشخاص والأزمان. والثاني بعيد جدّا ، بل معلوم الفساد يقينا. والثالث بديهيّ البطلان عند ذوي العقول. وأمّا لو حملنا أخبار الترجيح على إمضاء طريقة العقلاء ، فيمكن أن يقال : إنّهم كانوا عاملين بذي المزيّة مطلقا ، ومقدّمين له على صاحبه ، لكونهم من جملة العقلاء.
وثالثا : أنّ إجماع الفقهاء المعتنين بالفقه منعقد على تقديم الترجيح بكلّ ذي مزيّة على التخيير ابتداء ، كما هو واضح لمن تتبّع كلماتهم ، فلا يعبأ بخلاف الأخباريّين ومن يحذو حذوهم ، ولا أقلّ من تحقّق الشهرة في ذلك. وأخبار التخيير كلّها كما قيل ضعيفة ، فلا جابر لها ، سيّما مع تحقّق الشهرة على خلافها.
٢٨٧٢. هذا بناء على كون الصفات في المقبولة من مرجّحات الرواية دون الحكمين ، وإلّا خرج الترجيح بمثل الأصدقيّة من محلّ الكلام. ودعوى أنّ الاستدلال بالأصدقيّة والأوثقيّة على جواز الترجيح بكلّ مزية توجب قوّة الظنّ بصدور ذي المزيّة ، إنّما يتمّ لو كانت هاتان الصفتان ملازمتين لأقربيّة الخبر إلى