وأمّا على القول بكونه مجازا (٢٩٠٧) ،
______________________________________________________
٢٩٠٧. هذا القول محكيّ عن المشهور ولا إشكال في تحقّق الأغلبيّة ، لأنّهم وإن ادّعوا أنّه ما من عامّ إلّا وقد خصّ إلّا أنّه وارد على سبيل المبالغة ، لكثرة العمومات العرفيّة ، كما تقول : ما لقيت اليوم أحدا ، وما أكلت شيئا ، وما قرأت اليوم كتابا ونحو ذلك ، بخلاف المطلقات ، لندرة سلامتها عن التقييد ، بل لا يكاد يوجد لها مصداق في الخارج ، لأنّ منها ما هو واقع في حيّز الأخبار ، مثل : جاءني رجل أو رأيت رجلا أو نحوهما ، ولا ريب أنّها قد قيّدت بالوجود الخارجي ، لأنّ الأخبار في الغالب إنّما هو عن المعنيّات الخارجيّة ، ومنها ما هو واقع في حيّز الطلب ، ولا أقلّ من تقيده بالأفراد المقدورة. وبالجملة ، إنّ وجود خطاب سالم عن التقييد طلبا ومطلوبا من حيث الزمان والمكان والإمكان ونحوها في غاية القلّة ونهاية العزّة.
ويمكن الاستدلال أيضا على رجحان التقييد على القول المذكور بوجهين آخرين :
أحدهما : الفهم العرفي ، لأنّه مع دوران الأمر بين التقييد والتخصيص يجعل عموم العام بحسب العرف قرينة على التقييد ، وهذا واضح لمن تتبّع الأمثلة العرفيّة ، كما تقول : أهن جميع الفسّاق وأكرم العالم ، فإنّه يفهم منه وجوب إكرام العالم العادل.
وثانيهما : القرب الاعتباري بناء على جواز الترجيح به كما يراه بعضهم ، لأنّ المقيّد أقرب إلى المعنى الحقيقي من قرب الخاصّ إلى العامّ ، ولذا يحمل المطلق على المقيّد بالحمل المتعارف فيقال : زيد إنسان ، ولا يصحّ حمل العامّ على الخاصّ ، فلا يقال : زيد العالم العلماء. ولعلّ المصنّف رحمهالله لم يتعرّض للأوّل نظرا إلى كون مبنى الفهم العرفي على ما ذكره من الغلبة ، وللثاني لعدم الاعتداد بالقرب العرفي.