فالمعروف في وجه تقديم التقييد كونه أغلب من التخصيص. وفيه تأمّل (٢٩٠٨). نعم ، إذا استفيد العموم الشموليّ من دليل الحكمة كانت الإفادة غير مستندة إلى الوضع ، كمذهب السلطان في العموم البدليّ. وممّا ذكرنا يظهر حال التقييد مع سائر المجازات.
ومنها : تعارض العموم مع غير الإطلاق من الظواهر. والظاهر المعروف تقديم التخصيص لغلبته وشيوعه (٢٩٠٩). وقد يتأمّل في بعضها ، مثل ظهور الصيغة في الوجوب ؛ فإنّ استعمالها في الاستحباب شايع أيضا ، بل قيل بكونه مجازا مشهورا ، ولم يقل ذلك في العامّ المخصّص ، فتأمّل.
ومنها : تعارض ظهور بعض ذوات المفهوم من الجمل مع بعض. والظاهر تقديم الجملة الغائيّة على الشرطيّة ، والشرطيّة على الوصفيّة.
ومنها : تعارض ظهور الكلام في استمرار الحكم مع غيره من الظهورات ، فيدور الأمر بين النسخ وارتكاب خلاف ظاهر آخر. والمعروف ترجيح الكلّ على النسخ ، لغلبتها بالنسبة إليه.
______________________________________________________
٢٩٠٨. قال المصنّف رحمهالله في الحاشية : «وجه التأمّل أنّ الكلام في التقييد المنفصل ، ولا نسلّم كونه أكثر. نعم ، دلالة ألفاظ العموم أقوى من دلالة المطلق لو قلنا إنّها بالوضع» انتهى.
٢٩٠٩. يحتمل أن يريد بغلبة التخصيص وجوها :
أحدها : أن يكون التخصيص أغلب بحسب وجوده الخارجي من مطلق المجازات الواقعة في الاستعمالات. وهذه الدعوى تكاد تشبه المكابرة ، لوضوح أغلبيّة سائر المجازات.
وثانيها : ما ذكره المحقّق القمّي قدسسره من كون التخصيص أغلب من سائر المجازات الحاصلة في اللفظ العامّ. وهذه الدعوى أيضا غير مجدية في المقام ، لأنّ الكلام هنا في ترجيح التخصيص على سائر المجازات ، إذا دار الأمر بين تخصيص العامّ في كلام وارتكاب خلاف الظاهر في كلام آخر.