رجحان صدور أحد المتنين بالنسبة إلى الآخر ، فالدليل عليه هو الدليل على اعتبار رجحان الصدور ، وليس راجعا إلى الظنّ في الدلالة المتّفق عليه بين علماء الإسلام.
وأمّا مرجّحات الدلالة ، فهي من هذا الظنّ المتّفق عليه ، وقد عدّها من مرجّحات المتن جماعة كصاحب الزبدة (٥) وغيره. والأولى ما عرفت من أنّ هذه من قبيل النصّ والظاهر والأظهر والظاهر ، ولا تعارض بينهما ، ولا ترجيح في الحقيقة ، بل هي من موارد الجمع المقبول ، فراجع.
وأمّا الترجيح من حيث وجه الصدور : بأن يكون أحد الخبرين مقرونا بشيء يحتمل من أجله أن يكون الخبر صادرا على وجه المصلحة المقتضية لبيان خلاف حكم الله الواقعي من تقيّة أو نحوها من المصالح. وهي وإن كانت غير محصورة في الواقع إلّا أنّ الذي بأيدينا أمارة التقيّة ، وهي مطابقة ظاهر الخبر لمذهب أهل الخلاف ، فيحتمل صدور الخبر تقيّة عنهم عليهمالسلام احتمالا غير موجود في الخبر الآخر.
قال في العدّة : إذا كان رواة الخبرين متساويين في العدد عمل بأبعدهما من قول العامّة وترك العمل بما يوافقه (٦) ، انتهى. وقال المحقّق في المعارج (٢٩٥٦) ـ بعد نقل العبارة المتقدّمة عن الشيخ ـ : والظاهر أنّ احتجاجه في ذلك برواية رويت عن الصادق عليهالسلام ، وهو إثبات مسألة علميّة بخبر الواحد. ولا يخفى عليك ما فيه ، مع أنّه قد طعن فيه فضلاء من الشيعة كالمفيد وغيره. فإن احتجّ بأنّ الأبعد لا يحتمل إلّا
______________________________________________________
ليس إلى الظنّ بالدلالة ، لكون الأوّل من مرجّحات المضمون ، والبواقي من مرجّحات الصدور لا الدلالة ـ أنّ محلّ الكلام في المقام إنّما هو في مرجّحات الصدور التي موردها متن الحديث ، ومجمع القيدين من الامور المذكورة ليس إلّا الفصاحة ، لأنّ النقل باللفظ وإن كان من المرجّحات المتنيّة ، إلّا أنّ الكلام فيه سيجيء عند الكلام في مرجّحات المضمون. وما عدا الفصاحة من البواقي وإن كان من مرجّحات الصدور ، إلّا أنّ الكلام فيها قد ظهر ممّا سبق من مرجّحات السند.
٢٩٥٦. ظاهر كلامه طرح الترجيح بمخالفة العامّة ، ولازمه الحكم بالتخيير في مواردها من باب التسليم إن لم يوجد أحد وجوه المرجّحات الأخر. وسيشير