وعرفت سابقا قوّة احتمال إرادة التفرّع على قواعدهم الفاسدة ، ويخرج الخبر حينئذ عن الحجّية ولو مع عدم المعارض ، كما يدلّ عليه عموم الموصول.
الرابع : أنّ ظاهر الأخبار (٢٩٧٠) كون المرجّح موافقة جميع الموجودين في زمان الصدور أو معظمهم على وجه يصدق الاستغراق العرفيّ. فلو وافق بعضهم بلا مخالفة (*) الباقين ، فالترجيح به مستند إلى الكلّية المستفادة من الأخبار من الترجيح بكلّ مزيّة.
______________________________________________________
٢٩٧٠. لا يخفى أنّ في المسألة وجوها : أحدها : اعتبار موافقة الجميع أو معظمهم الذي يصدق معه الاستغراق العرفي. الثاني : كفاية موافقة قول بعضهم الذي حكّامهم وقضاتهم إليه أميل. الثالث : كفاية موافقة البعض مطلقا. الرابع : كفاية موافقة القول المشهور بينهم بحيث تكون مخالفته مظنّة للضرر والخوف.
وظاهر الأخبار الآمرة بالأخذ بمخالف العامّة وطرح ما يوافقهم هو الأوّل. وظاهر بعضها الآمر بسؤال حكّامهم والعمل بخلافه ـ كما هو ظاهر المقبولة ـ هو الثاني. وظاهر المرفوعة ـ بالتقريب الذي ذكره المصنّف رحمهالله هنا في المقبولة ـ هو الثالث.
والتحقيق ابتناء (**) المسألة على الوجه الثاني والرابع من الوجوه الأربعة التي ذكرها المصنّف رحمهالله في الترجيح بالمخالفة ، إذ على الثاني يعتبر موافقة الجميع أو ما يصدق معه الاستغراق العرفي ، لأنّ مقتضى التعليل بكون الرشد في خلافهم كون الرشد في مخالفة جميعهم أو معظمهم. وعلى الرابع يكفي موافقة البعض ومخالفته التي يظنّ معها صدور الموافق تقيّة منه. وحينئذ لا بدّ من ملاحظة فتاوي العامّة في زمان صدور الرواية ، وأنّ قضاتهم وحكّامهم إلى أيّ فتوى كانوا أميل؟ وأيّ فتوى كانت مشهورة فيما بينهم؟ ويحصل الاطّلاع على ذلك من كتبهم وتواريخهم ، وحينئذ تكثر الحاجة إلى مراجعتها والتتبّع فيها.
__________________
(*) فى بعض النسخ : بدل «مخالفة» ، معارضة.
(**) في هامش الطبعة الحجريّة : «لظهور أكثر الأخبار في الثاني ، وذهاب المشهور إلى الرابع. منه».