قول الصادق عليهالسلام حين حكي له فتوى ابن أبي ليلى في بعض مسائل الوصية : " أمّا قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع ردّه". وقد يستفاد من ملاحظة أخبارهم المرويّة في كتبهم ؛ ولذا انيط الحكم في بعض الروايات بموافقة أخبارهم.
الخامس : قد عرفت أنّ الرجحان بحسب الدلالة لا يزاحمه الرجحان بحسب الصدور ، وكذا لا يزاحمه هذا الرجحان (٢٩٧٢) أي : الرجحان من حيث جهة الصدور. فإذا كان الخبر الأقوى دلالة موافقا للعامّة قدّم على الأضعف المخالف ؛ لما عرفت من أنّ الترجيح بقوّة الدلالة من الجمع المقبول الذي هو مقدّم على الطرح.
______________________________________________________
بعد ربيعة الرأي. وقالا بعد ذكر محمّد بن شهاب الزهري : «وكلّ واحد من هؤلاء إمام قوم برأسه ، ليس تابعا لغيره. وكانت المذاهب الأربعة كغيرها إلى أن مال هارون الرشيد إلى الحنفيّة ، وغيره إلى غيرها ، ولكن لم يترك المذاهب الأخر إلى أن استقرّ رأيهم بحصر المذاهب ، فحصروها في الأربعة في سنة خمس وستّين وستّمائة كما قيل ، فصارت أشهر من غيرها بتوسّط السلاطين والأمراء ، واشتهر البعض الآخر بتوسّط ما ذكر ، ولكونه أقرب إلى الصواب من غيره كمذهب الشافعي» انتهى.
٢٩٧٢. توضيح المقام : أنّه لا إشكال في أنّ الأصل بمقتضى أدلّة اعتبار الأخبار هو التعبّد بصدور كلّ من الخبرين المتعارضين ، وإنّما احتجنا إلى الترجيح بواسطة تنافي مدلولهما وعدم إمكان الجمع بينهما ، فحيثما أمكن الجمع بينهما على وجه مقبول عند أهل اللسان لا يبقى مجال للترجيح ، لا من حيث الصدور ولا من حيث جهة الصدور. وحيثما ما لا يمكن الجمع المقبول ، والتجأنا إلى طرح أحدهما لأجل وجود مرجّح في الآخر ، فإن كان هذا المرجّح سالما من معارضة مرجّح آخر في الطرف الآخر فهو ، وإلّا فالترجيح من حيث الصدور مقدّم على الترجيح من حيث جهة الصدور ، لتفرّعها على نفس الصدور ، فلا معنى لملاحظة جهة الصدور قبل ملاحظة نفس الصدور ، فإذا أمكن التعبّد بصدور أحدهما وطرح الآخر لأجل وجود مرجّح في المأخوذ وفقده في المطروح ، لا يبقى محلّ لملاحظة جهة الصدور.