الداخليّة قد تكون موجبة لانتفاء احتمال في ذيها موجود في الآخر كقلّة الوسائط ، ومخالفة العامّة بناء على الوجه السابق (٢٩٨١). وقد توجب بعد الاحتمال الموجود
______________________________________________________
هذا ، والذي يقتضيه الاعتبار والتدبّر في الأخبار الواردة في المضمار ـ بل وغيرها من الأدلّة التي أقيمت على الترجيح بالمرجّحات السنديّة ـ هو القول بجواز الترجيح في المقام أيضا ، لأنّ ما استدلّ به على اعتبار المرجّحات السنديّة وجوه :
أحدها : أخبار الترجيح بالتقريب الذي أشار إليه هنا وأوضحه سابقا ، حيث استنهض بفقرات منها لجواز الترجيح بكلّ مزيّة موجودة في أحد الخبرين مفقودة في الآخر. مضافا إلى إمكان دعوى اندراج ما نحن فيه في المرجّحات الداخليّة ، فيدلّ على اعتباره ما دلّ على اعتبارها. وثانيها : بناء العقلاء المتحقّق في المقام أيضا.
وثالثها : قاعدة الاشتغال. وهي جارية في المقام أيضا ، لدوران الأمر بين التعيين والتخيير ، لأنّ الكلام في اعتبار هذا الترجيح إنّما هو بعد الفراغ من اعتبار نفس المتعارضين ، إذ لو لا الترجيح لا يجوز الرجوع إلى مقتضى الاصول ، بل يثبت التخيير بينهما ، وحينئذ يدور الأمر بين التخيير وتعيين الراجح ، والثاني أوفق بالاحتياط.
ورابعها : الإجماع. وقد حكاه صاحب المفاتيح. ويمكن تحصيله في المقام أيضا بالتقريب الذي أشار إليه المصنّف رحمهالله في آخر كلامه.
وخامسها : دليل الانسداد. وقد تقدّم سابقا أنّ تقريره بوجهين ، ولا يتمّ الاستدلال على أحد تقريريه ويمكن إجرائه على تقريره الآخر في المقام أيضا ، بأن يقال : إنّه مع تعارض الخبرين وعدم إمكان الجمع بينهما ، مع فرض كون الحكمة في جعل الأخبار هو الوصول إلى الواقع ، وكونها كاشفة عنه ، أنّ العقل يحكم بتقديم ما كانت جهة الكاشفيّة والقرب فيه أقوى ولو بمعونة الامور الخارجة ، مثل الشهرة كما أشار إليه المصنّف رحمهالله في آخر كلامه ، مع أمره بالتأمّل فيه ، وسنشير إلى وجهه.
٢٩٨١. أعني : الوجه الثاني من الوجوه الأربعة المتقدّمة.