فالترجيح بموافقة الكتاب منحصر في هذه الصورة الأخيرة. لكن هذا الترجيح مقدّم على الترجيح بالسند ؛ لأنّ أعدليّة الراوي في الخبر المخالف لا تقاوم قطعيّة سند الكتاب الموافق للخبر الآخر. وعلى الترجيح بمخالفة العامّة (٣٠٠٣) ؛ لأنّ التقيّة غير متصوّرة في الكتاب الموافق للخبر الموافق للعامّة ، وعلى المرجّحات الخارجيّة ؛ لأنّ
______________________________________________________
سلامة الخبر المخالف من معارضة مثله ، وهو خلاف طريقة الفقهاء ، كما هو واضح لمن تتبّع أبواب الفقه.
٣٠٠٣. لا يذهب عليك أنّ في تقديم الترجيح بموافقة الكتاب على الترجيح بمخالفة العامّة وجوها :
أحدها : تقديم الترجيح بالمخالفة لوجوه :
أحدها : غلبة صدور الأخبار تقيّة ، إذ لعلّ معظم اختلاف الأخبار نشأ من ذلك ، فيحمل الموافق للعامّة على التقيّة وإن كان موافقا للكتاب ، إلحاقا للمشكوك بالغالب.
وثانيها : أنّ الأخبار في تقديم الترجيح بموافقة الكتاب أو مخالفة العامّة مختلفة ، والترجيح للثانية ، لكونها معلّلة بكون الرشد في خلافهم.
وثالثها : أنّ المراد بموافقة الكتاب ليس موافقة الخبر لألفاظه ، لامتناعه ، بل المراد موافقته لما هو المراد من الكتاب في الواقع ، وقد دلّت الأخبار على كون ما يخالف العامّة رشدا وصوابا وحقّا في الواقع ، فيكون موافقهم باطلا لا محالة. فلا بدّ أن يكون المراد بالكتاب في الواقع هو ما تضمّنه المخالف له ظاهرا ، إذا بعد قيام الدليل علي حقّية مضمونه في نفس الأمر كان هو مرادا بالكتاب لا محالة دون ما يوافقه ظاهرا ، فلا بدّ من حمل الموافق علي التقيّة لا محالة.
فان قلت : إنّ المراد بموافقة الكتاب لو كان الموافقة للمراد الواقعي تلغو الأخبار الدالّة علب طرح مخالف الكتاب ، لعدم إمكان العلم بالمراد الواقعي من الكتاب غالبا.