الأمارة المستقلّة (٣٠٠٤) المطابقة للخبر الغير المعتبرة لا تقاوم الكتاب المقطوع الاعتبار ، ولو فرضنا الأمارة المذكورة مسقطة لدلالة الخبر والكتاب المخالفين لها عن الحجّية ـ لأجل القول بتقييد اعتبار الظواهر بصورة عدم قيام الظنّ الشخصيّ على خلافها ـ خرج المورد عن فرض التعارض.
ولعلّ ما ذكرناه هو الداعي للشيخ قدسسره في تقديم الترجيح بهذا المرجّح على جميع ما سواه من المرجّحات ، وذكر الترجيح بها بعد فقد هذا المرجّح.
إذا عرفت ما ذكرنا ، علمت توجّه الإشكال فيما دلّ من الأخبار العلاجيّة على تقديم بعض المرجّحات على موافقة الكتاب كمقبولة ابن حنظلة ، بل وفي غيرها ممّا
______________________________________________________
قلت : إنّ أصالة الحقيقة طريق إلى تعيين المرادات الواقعيّة ، إلّا أنّ العمل بها إنّما هو مع عدم تعيّن المراد الواقعي بدليل آخر ، وقد عرفت أنّ مخالفة العامّة من جملة ذلك ، ولأجل ما ذكرناه قد تفسّر الآيات في الأخبار بما هو خلاف ظاهرها.
الثاني : تقديم الترجيح بموافقة الكتاب كما هو ظاهر العلماء قدسسرهم ، وهو الأقوى ، لما أشار إليه المصنّف رحمهالله. وحاصله : أنّ الترجيح بمخالفة العامّة فرع إمكان حمل الموافق لهم على التقيّة ، وهو ممتنع في المقام ، لأنّ التقيّة في الكتاب الموافق للخبر الموافق لهم غير متصوّرة ، فكيف يحمل عليها؟ وكون المخالفة من أمارات الرشد إنّما يتمّ على تقدير كون المخالفة من مرجّحات المضمون ، وهو خلاف ظاهر العلماء ، لأنّ ظاهرهم كونها من مرجّحات وجه الصدور ، بل هو خلاف مفروض كلام المصنّف رحمهالله ، وإن تأيّد بمعظم أخبار الباب.
الثالث : التخيير في الترجيح بينهما ، لفرض تعارضهما ، وعدم ثبوت تقديم الترجيح بإحداهما. وقد عرفت ضعفه.
٣٠٠٤. فإن قلت : إنّ عدم مقاومة الأمارة غير المعتبرة لظاهر الكتاب لا يستلزم تقديم الترجيح بموافقة الكتاب على الترجيح بسائر المرجّحات الخارجيّة ، لأنّ الترجيح بموافقة الكتاب إنّما هو لكون مضمون الخبر الموافق له أقرب مطابقة