وأمّا الإشكال المختصّ بالمقبولة من حيث تقديم بعض المرجّحات على موافقة الكتاب ، فيندفع بما أشرنا إليه سابقا من أنّ الترجيح بصفات الراوي فيها من حيث كونه حاكما ، وأوّل المرجّحات الخبريّة فيها هي شهرة إحدى الروايتين وشذوذ الاخرى ، ولا بعد في تقديمها على موافقة الكتاب (٣٠٠٧).
ثمّ إنّ الدليل المستقلّ المعاضد لأحد الخبرين حكمه حكم الكتاب والسنّة في الصورة الاولى. وأمّا في الصورتين الأخيرتين ، فالخبر المخالف له يعارض مجموع الخبر الآخر والدليل المطابق له ، والترجيح هنا بالتعاضد لا غير.
______________________________________________________
٣٠٠٧. لأنّ الخبر الموافق للمشهور إن كان موافقا للشهرة بحسب الفتوى ، يسقط الخبر المخالف لها عن درجة الاعتبار. وإن كان موافقا للشهرة بحسب الرواية ، فإن كانت الشهرة حينئذ بالغة حدّ الإجماع ، بأن كان جميع الروات أو إلّا الشاذّ منهم راوين لأحد الخبرين دون الآخر ، يخرج الآخر حينئذ من الحجّية أيضا ، لأنّ إجماعهم على نقل خبر يكشف عن كونه معمولا به عندهم ، وإلّا فلا داعي إلى إجماعهم على نقله من دون شهرة العمل به. وعلى التقديرين يقدّم الترجيح بموافقة الشهرة على الترجيح بموافقة الكتاب ، وإن كان ذلك بمعنى خروج الموافق له من درجة الحجّية لأجل مخالفته للشهرة. نعم ، العلم بشهرة الرواية على ما عرفت متعذّر في أمثال زماننا ، لانتهاء الأخبار المدوّنة في الكتب المعروفة المعتبرة إلى المشايخ الثلاثة غالبا.
وإن كانت الشهرة غير بالغة إلى حدّ الإجماع ، بأن كان أحد الخبرين معروفا بين جماعة من الروات قلّوا أو كثروا ، وكان الآخر مختصّا براوي واحد ، فحينئذ وإن أمكن أن يقال : إنّ غاية ما تفيده رواية الجماعة حصول قوّة في سندها ، وهي لا تقاوم قطعيّة سند الكتاب الموافق للرواية الاخرى ، فيقدّم الترجيح بموافقة الكتاب على الترجيح بموافقة الشهرة ، إلّا أنّ المراد بالشهرة في المقبولة ـ على ما حقّقه المصنّف رحمهالله في مسألة حجّية الشهرة ـ اشتهار الخبر بين الروات بحيث يعرفه كلّ أحد ، لا المعنى المذكور.