بعد الفراغ عنه لا يعارض بها الاستصحاب إمّا لكونها من الأمارات ، كما يشعر به (٢٦٠٩) قوله صلىاللهعليهوآله ـ في بعض روايات ذلك الأصل ـ : " هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ" (١) ، وإمّا لأنّها وإن كانت من الاصول إلّا أنّ الأمر بالأخذ بها في مورد الاستصحاب (٢٦١٠) يدلّ على تقديمها عليه ، فهي خاصّة بالنسبة إليه ، يخصّص بأدلّتها أدلّته ، ولا إشكال في شيء من ذلك.
إنّما الإشكال في تعيين مورد ذلك الأصل من وجهين : أحدهما من جهة تعيين معنى" الفراغ" و" التجاوز" المعتبر في الحكم بالصحّة ، وأنّه هل يكتفى به أو يعتبر الدخول في غيره؟ وأنّ المراد بالغير ما هو؟ الثاني : من جهة أنّ الشك في وصف الصحّة للشيء ملحق بالشكّ في أصل الشيء أم لا؟
وتوضيح الإشكال من الوجهين موقوف على ذكر الأخبار (٢٦١١) الواردة في هذه القاعدة ، ليزول ببركة تلك الأخبار كلّ شبهة حدثت أو تحدث في هذا المضمار ،
______________________________________________________
٢٦٠٩. لأنّه بمنزلة العلّة. وحاصلها : أنّ الغالب في مورد القاعدة هو التفات الفاعل إلى فعله وصفته من الصحّة والفساد ، والعاقل الملتفت لا يتعمّد إلى ترك الفعل أو إلى إيقاعه على وجه الفساد ، مع كونه مطلوبا منه على وجه الصحّة.
٢٦١٠. لأنّ الشكّ في مورد القاعدة إمّا في صفة الفعل أو وقوعه ، والأصل عدم كلّ منهما ، فلو لم تكن القاعدة مقدّمة على الاستصحاب للغي اعتبارها ولعري عن الفائدة. ويرشد إليه تقديمها عليه في مورد الأخبار الواردة في المقام.
٢٦١١. استدلّ عليه أيضا ـ مضافا إلى الأخبار ـ بوجوه أخر ، منها : الإجماع في الجملة. ومنها : بناء العقلاء على الصحّة بعد تجاوز المحلّ. ومنها : ظهور حال العاقل المريد لإيقاع الفعل على وجه الصحّة ، كما أشار إليه فخر الدين في الإيضاح في مسألة من شكّ في بعض أفعال الغسل ، قال : «إنّ الأصل في فعل العاقل المكلّف ، الذي يقصد براءة ذمّته بفعل صحيح ، وهو يعلم الكيفيّة والكميّة ، الصحّة» انتهى. ومنها : الغلبة ، لأنّ الغالب في الأفعال الصحّة ، فتأمّل جيّدا.