كما لا ينبغي أن يشك في عدم صحة انتزاعها عن مجرد التكليف في موردها ، فلا ينتزع الملكيّة عن إباحة التصرفات ، ولا الزوجية من جواز الوطء ، وهكذا سائر الاعتبارات في أبواب العقود والإيقاعات.
فانقدح بذلك أن مثل هذه الاعتبارات إنما تكون مجعولة بنفسها ، يصح انتزاعها بمجرد إنشائها كالتكليف ، لا مجعولة بتبعه ومنتزعة عنه.
______________________________________________________
يصح انتزاعها بمجرد جعلها ممن بيده أمر جعلها مع الغمض عن التكليف الثابت في مواردها فإنه تنتزع الملكية والزوجية وغيرهما بمجرد العقد أو الإيقاع ممن بيده اختيارهما مع الغمض عما يترتب عليهما من التكليف ، ولو كانت مجعولة بتبع التكليف لم يصح انتزاعها مع الغمض عنه وأيضا العاقد أو الموقع يقصد بعقده وإيقاعه حصول الوضع ولو لم يحصل وحصل التكليف لزم عدم حصول ما قصد ، وحصول ما لم يقصد ، أضف إلى ذلك عدم صحة انتزاع تلك الامور عن التكليف المذكور في مواردها مثلا لا يصح انتزاع الملكية من جواز التصرف حتى مع جواز التصرف الموقوف على الملك ؛ لأن هذا الجواز يثبت فيما إذا كان الشيء ملك غير أيضا ويقتضي جواز تملكه قبل التصرف الموقوف على مالكيته وكذا لا يصح انتزاع الزوجية من جواز الاستمتاع من المرأة فإنه يثبت في موارد عدم الزوجية كموارد تحليل المالك أمته للغير أو كون الأمة ملكا له ، وتثبت الزوجية بدون جواز الوطي كما في وطء الزوجة قبل بلوغها إلى غير ذلك ، والحاصل أن الامور المشار إليها في القسم الثالث من الوضع بنفسها قابلة للجعل كالتكليف ولا تنتزع من التكليف الثابت في مواردها بل التكليف يترتب عليها كسائر ترتب الأحكام على موضوعاتها.
أقول : الاستدلال على كون هذا القسم من الأحكام الوضعية مجعولة مستقلا لا بتبع التكليف بإنشاء العاقد والموقع لها مع الغمض عن التكليف في مواردها ولو