لا يقال : الأمر وإن كان كما ذكر ، إلّا أنه حيث كان التفاوت بين الإيجاب والاستحباب وهكذا بين الكراهة والحرمة ، ليس إلّا بشدّة الطلب بينهما وضعفه ، كان تبدل أحدهما بالآخر مع عدم تخلل العدم غير موجب لتعدد وجود الطبيعي بينهما ، لمساوقة الاتصال مع الوحدة ، فالشك في التبدل حقيقة شك في بقاء الطلب وارتفاعه ، لا في حدوث وجود آخر.
______________________________________________________
لاحتمال انطباق الجنابة في الأول على التي اغتسل منها وانطباق الطهارة في الثاني على الوضوء الأول الذي انتقض بالحدث المعلوم حدوثه فيكون رفع اليد عنهما من نقض اليقين باليقين ، وبتعبير آخر استصحاب الجنابة في الأول والطهارة في الثاني من التمسك بالعام في شبهته المصداقية ؛ لأن الموردين من الشبهة المصداقية لأخبار لا تنقض اليقين بالشك لا يمكن المساعدة عليها فإنه لا يعتبر في جريان الاستصحاب إلّا احتمال بقاء الحالة السابقة التي تعلق بها اليقين لا الشك فيها على كل تقدير ولا يتصور في احتمال البقاء الشبهة المصداقية ؛ لأن موطن الاحتمال النفس لا الخارج على ما هو مقرر في محله ويأتي في الشك في الحادثين في المتقدم والمتأخر منها مزيد توضيح.
ولكن ربّما يقال بكفاية الوضوء في مسألة رؤية المني في الثوب فيما أحدث بالأصغر ولا يجب الاغتسال من احتمال جنابته بعد الجنابة التي اغتسل منها ؛ لأن المستفاد من الخطابات الشرعية أن من اغتسل من جنابته يصلي به ما لم يحصل منه موجب الوضوء والغسل وإن حصل موجب الوضوء يتوضأ لصلاته ما دام لم يجنب وإذا أجنب يغتسل فالمكلف في الفرض قد اغتسل من جنابته السابقة ومقتضى الاستصحاب أنه لم يجنب بعده فيترتب على ذلك لزوم الوضوء لطهارته لصلاته وغيرها إذا أحدث بالأصغر وفيه أن المستفاد أيضا من الخطابات الشرعية من أجنب