استدلّ على اعتباره بالإجماع وبالعقل ، فإنه لا مجال لها بدونه ، حيث يعلم إجمالا بثبوت التكليف بين موارد الشبهات ، بحيث لو تفحص عنه لظفر به.
ولا يخفى أن الإجماع هاهنا غير حاصل ، ونقله لوهنه بلا طائل ، فإن تحصيله
______________________________________________________
لو التفت إليها صار شكه فيها فعليا لا أثر له لعدم كون الشك التقديري بموضوع في شيء من الاصول العملية.
وفيه أن فرض الانحلال بدعوى عدم الالتفات إلى سائر الوقائع حين إجراء أصالة البراءة في شبهة حكمية لا يمكن المساعدة عليها ، فإنه وإن فرض كون سائر الوقائع من المجتهد مغفولا عنها في مقام ملاحظة واقعة يشك في التكليف فيها ، لكن مع ملاحظة سائر الوقائع والابتلاء بها تدريجيا في البحث عن أحكامها يكون الأصل الجاري فيها معارضا بالأصل الجاري النافي الذي أجراه في مسألة سابقة ، وهذا نظير ما إذا لاقى شيء أحد أطراف العلم بالنجاسة وحكم للملاقي بالكسر بالطهارة بأصالة الطهارة ، وبعد زمان لاقى شيء آخر سائر الأطراف فإنه مع بقاء الملاقي الأول تكون أصالة الطهارة الجارية فيه معارضة بأصالة الطهارة في الملاقى الآخر ، نعم إذا لم يبق الملاقى الأول ولم يكن لطهارته ونجاسته سابقا أثر شرعي فعلا ، فيمكن الرجوع في الملاقى الآخر بأصالة الطهارة ، وبهذا أمكن الجواب عما يمكن أن يقال : إنه كيف يجوز للمكلف الرجوع إلى الاصول النافية للتكليف أو الوضع الملزوم له في الشبهات الموضوعية مع أنه قد يحصل له بعد برهة من الزمان من الابتلاء بالشبهات الموضوعية أن التكليف كان في بعضها واقعا ، ووجه ظهور الجواب أنه لا يكون أثر لهذا العلم الإجمالي بالاضافة إلى الوقائع السابقة فعلا بخلاف الواقعة المشكوكة التي ابتلى بها فعلا فيجرى فيها الأصل النافي وأما الوقائع الكلية التي يفتي فيها المجتهد بالوظائف الفعلية ، فلكون فتواها بنحو القضية