باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة؟ لو لا الحكم شرعا بسقوطها وصحة ما أتى بها.
قلت : إنما حكم بالصحة لأجل اشتمالها على مصلحة تامة لازمة الاستيفاء في نفسها مهمة في حد ذاتها ، وإن كانت دون مصلحة الجهر والقصر ، وإنما لم يؤمر بها لأجل أنه أمر بما كانت واجدة لتلك المصلحة على النحو الأكمل والأتم.
وأما الحكم باستحقاق العقوبة مع التمكن من الإعادة فإنها بلا فائدة ، إذ مع استيفاء تلك المصلحة لا يبقى مجال لاستيفاء المصلحة التي كانت في المأمور بها ، ولذا لو أتى بها في موضع الآخر جهلا ـ مع تمكنه من التعلم ـ فقد قصر ، ولو علم بعده وقد وسع الوقت.
فانقدح أنه لا يتمكن من صلاة القصر صحيحة بعد فعل صلاة الإتمام ، ولا من
______________________________________________________
بالعكس ، وأجاب الماتن قدسسره عن كلتا الجهتين بأن صحة العمل عبادة لا تتوقف على تعلق الأمر به فعلا ، بل لو كان فيه ملاك المحبوبيّة وأتى المكلف به على نحو قربي يحكم بصحته ، كما ذكر ذلك في مزاحمة التكليف بالصلاة في أول وقتها مع التكليف بالأهم ، كالأمر بالإزالة.
والحاصل أن الصلاة تماما جهلا بوجوب القصر مشتملة لمقدار من المصلحة تكون ملزمة في نفسها ، وإنما لم يؤمر بها لكون الصلاة قصرا ملاكها أكثر بمقدار لازم ، وهذه المصلحة الأهم لا يمكن استيفاؤها بعد الصلاة تماما ، وهكذا الأمر في الجهر من الجاهل بوجوب الإخفات وبالعكس ، ولذا يستحق المكلف العقاب على مخالفة التكليف بالقصر أو بالإخفات أو الجهر الذي فوته المكلف على نفسه بترك تعلمه حيث لا يمكن له بعد الإتيان بصلاته تماما مع الجهل الإتيان بها قصرا ، بحيث يتدارك ويستوفي ملاكه الملزم الأتم وكذا الحال في الجاهل بوجوب الجهر والإخفات.